وزير العدل : «3/3» المتطرفون استغلوا العاطفة الدينــيـة لتحقــيـق الشـهـرة
إخبارية الحفير - متابعات حذر وزير العدل ورئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور محمد العيسى من التشدد، مبينا أن هناك من يعلم أن أطروحته متشددة أو متطرفة لكنه يزايد ويستغل عاطفة الناس الدينية بهدف الذيوع والشهرة والاستكثار من الأتباع، وحول الحسبة أوضح وزير العدل أنها إذا كانت تتطلب سلطة فقد أوكل ولي الأمر ذلك لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإذا كانت لا تتطلب سلطة فهذه لكل أحد.
وأشار الدكتور العيسى إلى أن مجمل ملاحظات الغرب على الإسلام تدور حول التشريع الجنائي، وقال: «بينا لهم خلال العديد من الزيارات الخارجية أن الإسلام يفرق بين الحرية والفوضى، والحرية والإخلال بالنظام العام».. وإليكم نص الحوار:
كان لكم حديث عن منع الاحتساب إلا عن طريق جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم صار منكم تعقيب حوله، اسمح لي يا دكتور محمد أن أقول حصل عندي لبس في هذا، فهناك أمر بالمعروف محصور على الجهاز وهناك سماح آخر غير محصور ما حقيقة الأمر؟.
كان هذا في محاضرة دعاني لها الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضمن مجموعة من المشايخ وعلى رأسهم شيخنا سماحة مفتي عام المملكة وبعض أعضاء هيئة كبار العلماء، ومقصدي كما وضحته جليا في حديث لاحق بأن الحسبة إذا كانت تتطلب سلطة فقد أوكل ولي الأمر ذلك لنوابه في هذا الأمر وهم رجال الحسبة، وإذا كانت لا تتطلب سلطة فهذه لكل أحد فمن منا يمنع أن يدعو المسلم أخاه للصلاة وترك المنهيات سواء في عمله أو طريقه لكن متى ما خشي فيه من خطر عليه ولو كان بهذا الوصف فإنه يبلغ رجال الحسبة وذمته بريئة، وفي الوصف الأول وهو ما يحتاج لسلطة فإن هذا لرجال الحسبة ولا يسلب منهم وفي هذا أمر ملكي واضح يجب السمع والطاعة له من منطلق أن هذه الشعيرة في هذه الجزئية تحديدا لا يشك أنها فرض كفاية، والتجاوز في هذا العرف الإداري يسمى اغتصاب السلطة، والقاضي الإداري يعرف ما معنى اغتصاب السلطة، وهو من معدمات القرار الإداري المحصن له عن فوات المدد في الطعن عليه أي التقادم، وإن كان هذا يجري فيما يصدر عن جهات الإدارة لكن جرى على لساني توسعا في تفسيري للقرآن الكريم في إذاعة القرآن الكريم تأثرا مني بعملي سنوت عدة في القضاء الإداري، وكثرة الدوران على اللسان تستدعي المصطلح عند مظانه، غير أن البعيد عن سوغانه على اللسان فيمن يباشر مصطلحه على الدوام يجد منه وحشة.
نعم هذا يحصل عند الاستماع للمصطلح أول مرة بينما المتكرر على لسانه يجده سائغا جدا.
هذا صحيح، أضرب لك مثالا في هذا في الشأن القضائي والحقوقي عندما سمعنا من المغاربة عبارة الشطط في استعمال الحق، بدل كلمة التعسف استنكرناها ووجدنا في استخدامها وحشة بينما هي ألطف من كلمة التعسف وإن كان في كل منهما قوة يتطلبها المعنى، وشيخنا العلامة بكر أبو زيد -رحمه الله- انتقد استخدام التعسف وقال إنما التعسف في هذا (التعسف) يقصد استخدام هذه العبارة في صياغة القاعدة، ومن يتتبع العلماء في كل ما يصدر عنهم من المصطلحات والألفاظ والعبارات بل وتتبعهم في بعض الفتاوى لن يرتاح ولن يريح.
أعتقد أيضا واجهكم سوء فهم حول مفاهيم الحرية في الإسلام، بينما يكاد يتفق الجميع بأنكم أقنعتم الغرب في توضيحكم بأن الإسلام يفرق بين الحرية والفوضى والحرية والإخلال بالنظام العام كما هي عبارتكم في هذا أليس كذلك؟
بالنسبة لي لا أنظر للمغالط أو المتغرض فهذا لا حيلة فيه إلا أن يهديه الله، وفيما يتعلق بمفاهيم الحرية نعم قلنا لهم ما جاء في سؤالكم يا أخ عبد الله، فالإسلام يفرق بين الحرية والفوضى، والحرية والإخلال بالنظام العام، ومن الإخلال بالنظام العام انتهاك لقيم المجتمع المسلم، وفي هذا السياق فإن الحرية لا تبيح للمسلم أبدا أن يترك دينه فهذه ردة بل ولا تبيح له أن يقدم آراء تسيء لمسلمات الدين، وديننا لا يرتضي لغير المسلم إلا الإسلام، لكنه لا يكرهه على الإسلام أبدا و«لا إكراه في الدين» وعندما نستدل بهذا النص الشرعي نستصحب قاعدة الأصول: «العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب»، ولم يكره المسلمون أحدا على دخول الإسلام في طول وعرض تاريخنا الإسلامي المضيء ولجميع ما ذكر أحكام مبسوطة في كتب الفقه لا نطيل بذكر تفاصيلها، وقد بينا هذا في عدة مواضع وفي تفسيرنا الأسبوعي للقرآن الكريم في إذاعة القرآن الكريم من كل أربعاء.
هل ترون أن هناك تشددا في بعض المفاهيم الشرعية؟
التشدد موجود قديما وحديثا لكن المتشدد لا يقر بذلك ويرى نفسه أنه على جادة الحق ويرى أنك المتساهل في الدين، لكن قد يوجد هناك من يعلم أن أطروحته متشددة لكنه يزايد على أمور أخرى منها الذيوع والشهرة والأضواء والاستكثار من الأتباع ذوي العاطفة المجردة التي لا تميز وليس لديها آلية التمييز في هذه المسائل، بل إنها ترى أن أي طرح من هذا النوع المتشدد أنه من الحرص على الدين والقوة في الثبات عليه وعدم المجاملة والمصانعة والمداهنة فيه ويشعل هذا الخطب الحماسية، وهذه فتنة عظيمة يفتن بها البعض، ولكن -ولله الحمد- فعامة وسطنا العلمي والدعوي في المملكة هو على خير وهدى إن شاء الله، ويجب أن نحسن الظن بالجميع، ومن منا لا يخطئ فنحن بشر والعصمة لأنبياء الله ورسله فيما يبلغونه عن ربهم، وقد نفع الله بعلمائنا ودعاتنا في الداخل والخارج نفعا عظيما، ومن أراد السلامة فليحسن نيته وليتجرد من كل شيء سوى إرادة وجه الله وحده لا شريك له؛ فهو سبحانه أغنى الشركاء عن الشرك، ثم يجتهد ولا يقتحم اللجة إلا بعد توافر الأدلة المؤهلة بكامل أدواتها ولا يغتر بنفسه وليتهم نفسه دوما فقد يكون على خطأ وغيره على صواب، وما أعلم ولله الحمد أني اتهمت أحدا في علمه أو مقصده أو دخلت في جدال علمي عقيم مع أحد، وأحمد الله أني حتى هذه اللحظة لا أعلم أني ظلمت أحدا أو أسأت لأحد ولا أزكي نفسي، ومحبتي لجميع إخواني هي من زادي في راحة النفس والبال، ومن أملي في معاشي ومعادي بعد رحمة الله، وقد أختلف مع البعض في رأي أو عمل وقد يشتد بعضنا في هذا، لكن هذا يجب ألا يؤثر أبدا على محبة وأخوة الإسلام وسلامة القلب نحو بعضنا البعض أبدا أبدا، وأكرر أني لا أزكي نفسي، ولا أعلم بحمد الله وفضله ومنته أني قلت قولا أو عملت عملا مما يبتغى به وجه الله إلا وأنا أدين الله تعالى به ولا أشك فيه طرفة عين، وما أسهل رجوعي للحق عندما يتبين لي ومن أشقى الناس المكابر وهو لا يصدر إلا عن كبر وهو بطر الحق وغمط الناس وبطر الحق أي دفعه ورده وغمط الناس احتقارهم.
ما أبرز الأسئلة التي تواجهونها من المجتمعات الأخرى والنابعة عن صورة مغلوطة عن الإسلام والمسلمين؟ وكيف تعاملتم مع تلك الأسئلة؟
هي كثيرة وقد جمعتها مع أجوبتها في كتاب سيصدر قريبا إن شاء الله تعالى، وهي نتيجة محور التواصل الدولي لمشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء والذي أكد -يحفظه الله- على أهميته ونوه بمنجزات هذا التواصل وقد شمل حتى الآن بعض الدول في أوروبا وأمريكا وبعض الدول العربية.
ما هي مجمل ملاحظات الغرب التي يطرحونها عليكم؟
غالبها في مسائل التشريع الجنائي وقد قلنا لهم في هذا إن انتقادكم في هذه المسائل ليس على المملكة كدولة بل هو على الإسلام كدين فإذا كنتم تحترمون الإسلام فاحترموا تعاليمه وإن لم تؤمنوا بها وإلا تناقضتم، وقلنا لهم إن انتقاداتكم في هذا هي في الواقع لأكثر من مليار مسلم منهم مسلمون يحملون هوية بلدانكم أنتم تسيئون لمشاعرهم بهذه الانتقادات، ثم إن انتقادكم في هذا الأمر يطال دستور دولة وإرادة شعب حول خياره وقناعته الدينية ولا يحق لكم أن تتدخلوا في خيارات الدول وإملاء قناعات أخرى عليها، وأكثر ما نطيل فيه هو الدخول معهم في تفاصيل المسائل الجنائية وبيان حكمة تشريعها ودفع الإيرادات عليها مع قضايا حقوقية واجتماعية أخرى، وهو حديث يطول جمعته في الكتاب المشار إليه، وكما سبق أن قلت فغالب نتائج الحوارات تنتهي إلى تفهم وإن لم تصل لقناعة لكن التفهم مطلب ومكسب وهو كاف لأنه يكف ملامة الآخرين وحملهم عليك، خاصة متى كانت بحجم دول لها قوتها وتأثيرها.
والقناعة مطلب ومكسب كذلك.
نعم هي مطلب ومكسب وإذا تجاوز الأمر مرحلة التفهم للقناعة فقد دان المحاور بالإسلام، فمن يسلم يعتبر مقتنعا ومن يتركك وقناعتك لكنه لا يحمل عليك، فهو متفهم وجهة نظرك ومحترم لها وإن خالفك فيها.
علمت أن لمعاليكم رأيا حول الزواج بنية الطلاق وأنكم قدمتم في هذا بحثا أو ورقة عمل في ندوة علمية.
سبق أن أوضحت في بحث علمي بأن النكاح بنية الطلاق غش وخداع لا تجيزه الشريعة الإسلامية، وهذا القول سبقني إليه علماء كبار وهو شبيه بالمتعة من ناحية التوقيت وإن كان يختلف عنها بأن النكاح في المتعة ينقضي بانقضاء الوقت المحدد، وممن حرم الزواج بنية الطلاق الشيخ العلامة محمد بن عثيمين -رحمه الله- تأسيسا على ما فيه من غش وخداع، وقد كثر التلاعب في هذا العصر بهذه الحرمات ممن فتح الله عليهم بالمال، ونتج عنه ضحايا من النساء بل وصفقات زواج ضحيتها المرأة المسكينة وبعضهن صغيرات ذهبن ضحية خيانة الولي لأمانتهن، وهؤلاء جميعا على خطر.
نجد البعض يا شيخنا يعمد إلى التشدد في الأمور وتجد لهؤلاء الأشخاص بعض الجماهيرية، مع أن دين الإسلام دين اليسر.
نعم يحصل هذا والمزايدة على التشدد والتطرف قد تكسب البعض شهرة.
ما السبب في هذا؟
السبب واضح وهو أن المخالف يحسب خلافه عند الكثير على حرصه على الدين وحرماته وبالتالي تجد القلوب تميل إليه لإحسان الظن به، فالمجتمع المسلم مجتمع متدين ويثق بمن يعتقد أنه يميل مع الاحتياط للدين ، ثم إن من يطاله اللوم والعتب بسبب موقفه المتشدد يعتقد عموم الناس أنه أوذي في الله بسبب عدم محاباته وعدم مجاراته ومداهنته على حساب دينه، وبسبب شجاعته في قول كلمة الحق وإبراء ذمته، ولا يخفى أن من الرأي العام شريحة بل وشريحة كبيرة يغلب عليها عدم إدراكها لحقائق الأمور، فالغالب عليها هو مجرد العاطفة الدينية والحكم على الأشياء في بادئ الرأيوالتأثر بالحماسة وأساليب تحريك المشاعر وكسب ودها، لكن أي عاطفة هل هي على هدي صحيح؟ ما أحسن العاطفة الدينية إذا كانت على أساس صحيح وما أسوأها إذا كانت على غير ذلك، وقد جلسنا مع أناس كانوا على ما يشبه الموقد غلياناً وبعد حوار لم يتجاوز دقائق أصبح الواحد منهم كأنما حل من عقال بعد تبينه وتبصره، وإنك لتشفق على أمثال هؤلاء نظرا لحجم الغفلة والفوات الذي لديهم والذي شكل عندهم صورة ذهنية سلبية في بعض المسائل والقضايا مبنية على قاعدة خاطئة، والمشكلة أن البعض يعتقد أنه إذا حرم فقد برئت ذمته ونسي أن تحريم الحلال كتحليل الحرام بل لقد قرر المحققون من أهل العلم بأن الأول أشد حرمة ونكيرا وهو تحريم الحلال؛ لأن الأصل في الأشياء الحل والإباحة؟ وفي العموم قال الله تعالى: «ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام» فسوى بينهما في النهي.
عودة إلى رمضان .دونا من شخصية وزير العدل وحياته الخاصة، أين تصلي التراويح، وما هي المأكولات والمشروبات التي تحرص على تواجدها على سفرة إفطارك في رمضان؟
أصليها في أقرب مسجد ولا أتتبع المساجد، أما المأكولات والمشروبات فأنا فيها بحمد الله معتدل، ولا أختلف عن غيري في عموم الناس في هذا الشهر الفضيل وغيره لا في مأكل ولا مشرب، وهناك أطعمة اختصت عرفا بهذا الشهر الفضيل آخذ منها، وأحرص على السنة بالإفطار على التمر، ونحن نأكل لنعيش لا نعيش لنأكل، ويؤسفني مد الموائد والإسراف فيها خاصة في هذا الشهر الفضيل وهو شهر الصيام؛ شهر تجديد العهد بحمل النفس على الصبر عن المأكل والمشرب، فكيف يكون هذا ثم يعقبه هذا النمط الدخيل من الإسراف وقد أمرنا أن نأكل ونشرب ولا نسرف؟.
وأشار الدكتور العيسى إلى أن مجمل ملاحظات الغرب على الإسلام تدور حول التشريع الجنائي، وقال: «بينا لهم خلال العديد من الزيارات الخارجية أن الإسلام يفرق بين الحرية والفوضى، والحرية والإخلال بالنظام العام».. وإليكم نص الحوار:
كان لكم حديث عن منع الاحتساب إلا عن طريق جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم صار منكم تعقيب حوله، اسمح لي يا دكتور محمد أن أقول حصل عندي لبس في هذا، فهناك أمر بالمعروف محصور على الجهاز وهناك سماح آخر غير محصور ما حقيقة الأمر؟.
كان هذا في محاضرة دعاني لها الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضمن مجموعة من المشايخ وعلى رأسهم شيخنا سماحة مفتي عام المملكة وبعض أعضاء هيئة كبار العلماء، ومقصدي كما وضحته جليا في حديث لاحق بأن الحسبة إذا كانت تتطلب سلطة فقد أوكل ولي الأمر ذلك لنوابه في هذا الأمر وهم رجال الحسبة، وإذا كانت لا تتطلب سلطة فهذه لكل أحد فمن منا يمنع أن يدعو المسلم أخاه للصلاة وترك المنهيات سواء في عمله أو طريقه لكن متى ما خشي فيه من خطر عليه ولو كان بهذا الوصف فإنه يبلغ رجال الحسبة وذمته بريئة، وفي الوصف الأول وهو ما يحتاج لسلطة فإن هذا لرجال الحسبة ولا يسلب منهم وفي هذا أمر ملكي واضح يجب السمع والطاعة له من منطلق أن هذه الشعيرة في هذه الجزئية تحديدا لا يشك أنها فرض كفاية، والتجاوز في هذا العرف الإداري يسمى اغتصاب السلطة، والقاضي الإداري يعرف ما معنى اغتصاب السلطة، وهو من معدمات القرار الإداري المحصن له عن فوات المدد في الطعن عليه أي التقادم، وإن كان هذا يجري فيما يصدر عن جهات الإدارة لكن جرى على لساني توسعا في تفسيري للقرآن الكريم في إذاعة القرآن الكريم تأثرا مني بعملي سنوت عدة في القضاء الإداري، وكثرة الدوران على اللسان تستدعي المصطلح عند مظانه، غير أن البعيد عن سوغانه على اللسان فيمن يباشر مصطلحه على الدوام يجد منه وحشة.
نعم هذا يحصل عند الاستماع للمصطلح أول مرة بينما المتكرر على لسانه يجده سائغا جدا.
هذا صحيح، أضرب لك مثالا في هذا في الشأن القضائي والحقوقي عندما سمعنا من المغاربة عبارة الشطط في استعمال الحق، بدل كلمة التعسف استنكرناها ووجدنا في استخدامها وحشة بينما هي ألطف من كلمة التعسف وإن كان في كل منهما قوة يتطلبها المعنى، وشيخنا العلامة بكر أبو زيد -رحمه الله- انتقد استخدام التعسف وقال إنما التعسف في هذا (التعسف) يقصد استخدام هذه العبارة في صياغة القاعدة، ومن يتتبع العلماء في كل ما يصدر عنهم من المصطلحات والألفاظ والعبارات بل وتتبعهم في بعض الفتاوى لن يرتاح ولن يريح.
أعتقد أيضا واجهكم سوء فهم حول مفاهيم الحرية في الإسلام، بينما يكاد يتفق الجميع بأنكم أقنعتم الغرب في توضيحكم بأن الإسلام يفرق بين الحرية والفوضى والحرية والإخلال بالنظام العام كما هي عبارتكم في هذا أليس كذلك؟
بالنسبة لي لا أنظر للمغالط أو المتغرض فهذا لا حيلة فيه إلا أن يهديه الله، وفيما يتعلق بمفاهيم الحرية نعم قلنا لهم ما جاء في سؤالكم يا أخ عبد الله، فالإسلام يفرق بين الحرية والفوضى، والحرية والإخلال بالنظام العام، ومن الإخلال بالنظام العام انتهاك لقيم المجتمع المسلم، وفي هذا السياق فإن الحرية لا تبيح للمسلم أبدا أن يترك دينه فهذه ردة بل ولا تبيح له أن يقدم آراء تسيء لمسلمات الدين، وديننا لا يرتضي لغير المسلم إلا الإسلام، لكنه لا يكرهه على الإسلام أبدا و«لا إكراه في الدين» وعندما نستدل بهذا النص الشرعي نستصحب قاعدة الأصول: «العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب»، ولم يكره المسلمون أحدا على دخول الإسلام في طول وعرض تاريخنا الإسلامي المضيء ولجميع ما ذكر أحكام مبسوطة في كتب الفقه لا نطيل بذكر تفاصيلها، وقد بينا هذا في عدة مواضع وفي تفسيرنا الأسبوعي للقرآن الكريم في إذاعة القرآن الكريم من كل أربعاء.
هل ترون أن هناك تشددا في بعض المفاهيم الشرعية؟
التشدد موجود قديما وحديثا لكن المتشدد لا يقر بذلك ويرى نفسه أنه على جادة الحق ويرى أنك المتساهل في الدين، لكن قد يوجد هناك من يعلم أن أطروحته متشددة لكنه يزايد على أمور أخرى منها الذيوع والشهرة والأضواء والاستكثار من الأتباع ذوي العاطفة المجردة التي لا تميز وليس لديها آلية التمييز في هذه المسائل، بل إنها ترى أن أي طرح من هذا النوع المتشدد أنه من الحرص على الدين والقوة في الثبات عليه وعدم المجاملة والمصانعة والمداهنة فيه ويشعل هذا الخطب الحماسية، وهذه فتنة عظيمة يفتن بها البعض، ولكن -ولله الحمد- فعامة وسطنا العلمي والدعوي في المملكة هو على خير وهدى إن شاء الله، ويجب أن نحسن الظن بالجميع، ومن منا لا يخطئ فنحن بشر والعصمة لأنبياء الله ورسله فيما يبلغونه عن ربهم، وقد نفع الله بعلمائنا ودعاتنا في الداخل والخارج نفعا عظيما، ومن أراد السلامة فليحسن نيته وليتجرد من كل شيء سوى إرادة وجه الله وحده لا شريك له؛ فهو سبحانه أغنى الشركاء عن الشرك، ثم يجتهد ولا يقتحم اللجة إلا بعد توافر الأدلة المؤهلة بكامل أدواتها ولا يغتر بنفسه وليتهم نفسه دوما فقد يكون على خطأ وغيره على صواب، وما أعلم ولله الحمد أني اتهمت أحدا في علمه أو مقصده أو دخلت في جدال علمي عقيم مع أحد، وأحمد الله أني حتى هذه اللحظة لا أعلم أني ظلمت أحدا أو أسأت لأحد ولا أزكي نفسي، ومحبتي لجميع إخواني هي من زادي في راحة النفس والبال، ومن أملي في معاشي ومعادي بعد رحمة الله، وقد أختلف مع البعض في رأي أو عمل وقد يشتد بعضنا في هذا، لكن هذا يجب ألا يؤثر أبدا على محبة وأخوة الإسلام وسلامة القلب نحو بعضنا البعض أبدا أبدا، وأكرر أني لا أزكي نفسي، ولا أعلم بحمد الله وفضله ومنته أني قلت قولا أو عملت عملا مما يبتغى به وجه الله إلا وأنا أدين الله تعالى به ولا أشك فيه طرفة عين، وما أسهل رجوعي للحق عندما يتبين لي ومن أشقى الناس المكابر وهو لا يصدر إلا عن كبر وهو بطر الحق وغمط الناس وبطر الحق أي دفعه ورده وغمط الناس احتقارهم.
ما أبرز الأسئلة التي تواجهونها من المجتمعات الأخرى والنابعة عن صورة مغلوطة عن الإسلام والمسلمين؟ وكيف تعاملتم مع تلك الأسئلة؟
هي كثيرة وقد جمعتها مع أجوبتها في كتاب سيصدر قريبا إن شاء الله تعالى، وهي نتيجة محور التواصل الدولي لمشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء والذي أكد -يحفظه الله- على أهميته ونوه بمنجزات هذا التواصل وقد شمل حتى الآن بعض الدول في أوروبا وأمريكا وبعض الدول العربية.
ما هي مجمل ملاحظات الغرب التي يطرحونها عليكم؟
غالبها في مسائل التشريع الجنائي وقد قلنا لهم في هذا إن انتقادكم في هذه المسائل ليس على المملكة كدولة بل هو على الإسلام كدين فإذا كنتم تحترمون الإسلام فاحترموا تعاليمه وإن لم تؤمنوا بها وإلا تناقضتم، وقلنا لهم إن انتقاداتكم في هذا هي في الواقع لأكثر من مليار مسلم منهم مسلمون يحملون هوية بلدانكم أنتم تسيئون لمشاعرهم بهذه الانتقادات، ثم إن انتقادكم في هذا الأمر يطال دستور دولة وإرادة شعب حول خياره وقناعته الدينية ولا يحق لكم أن تتدخلوا في خيارات الدول وإملاء قناعات أخرى عليها، وأكثر ما نطيل فيه هو الدخول معهم في تفاصيل المسائل الجنائية وبيان حكمة تشريعها ودفع الإيرادات عليها مع قضايا حقوقية واجتماعية أخرى، وهو حديث يطول جمعته في الكتاب المشار إليه، وكما سبق أن قلت فغالب نتائج الحوارات تنتهي إلى تفهم وإن لم تصل لقناعة لكن التفهم مطلب ومكسب وهو كاف لأنه يكف ملامة الآخرين وحملهم عليك، خاصة متى كانت بحجم دول لها قوتها وتأثيرها.
والقناعة مطلب ومكسب كذلك.
نعم هي مطلب ومكسب وإذا تجاوز الأمر مرحلة التفهم للقناعة فقد دان المحاور بالإسلام، فمن يسلم يعتبر مقتنعا ومن يتركك وقناعتك لكنه لا يحمل عليك، فهو متفهم وجهة نظرك ومحترم لها وإن خالفك فيها.
علمت أن لمعاليكم رأيا حول الزواج بنية الطلاق وأنكم قدمتم في هذا بحثا أو ورقة عمل في ندوة علمية.
سبق أن أوضحت في بحث علمي بأن النكاح بنية الطلاق غش وخداع لا تجيزه الشريعة الإسلامية، وهذا القول سبقني إليه علماء كبار وهو شبيه بالمتعة من ناحية التوقيت وإن كان يختلف عنها بأن النكاح في المتعة ينقضي بانقضاء الوقت المحدد، وممن حرم الزواج بنية الطلاق الشيخ العلامة محمد بن عثيمين -رحمه الله- تأسيسا على ما فيه من غش وخداع، وقد كثر التلاعب في هذا العصر بهذه الحرمات ممن فتح الله عليهم بالمال، ونتج عنه ضحايا من النساء بل وصفقات زواج ضحيتها المرأة المسكينة وبعضهن صغيرات ذهبن ضحية خيانة الولي لأمانتهن، وهؤلاء جميعا على خطر.
نجد البعض يا شيخنا يعمد إلى التشدد في الأمور وتجد لهؤلاء الأشخاص بعض الجماهيرية، مع أن دين الإسلام دين اليسر.
نعم يحصل هذا والمزايدة على التشدد والتطرف قد تكسب البعض شهرة.
ما السبب في هذا؟
السبب واضح وهو أن المخالف يحسب خلافه عند الكثير على حرصه على الدين وحرماته وبالتالي تجد القلوب تميل إليه لإحسان الظن به، فالمجتمع المسلم مجتمع متدين ويثق بمن يعتقد أنه يميل مع الاحتياط للدين ، ثم إن من يطاله اللوم والعتب بسبب موقفه المتشدد يعتقد عموم الناس أنه أوذي في الله بسبب عدم محاباته وعدم مجاراته ومداهنته على حساب دينه، وبسبب شجاعته في قول كلمة الحق وإبراء ذمته، ولا يخفى أن من الرأي العام شريحة بل وشريحة كبيرة يغلب عليها عدم إدراكها لحقائق الأمور، فالغالب عليها هو مجرد العاطفة الدينية والحكم على الأشياء في بادئ الرأيوالتأثر بالحماسة وأساليب تحريك المشاعر وكسب ودها، لكن أي عاطفة هل هي على هدي صحيح؟ ما أحسن العاطفة الدينية إذا كانت على أساس صحيح وما أسوأها إذا كانت على غير ذلك، وقد جلسنا مع أناس كانوا على ما يشبه الموقد غلياناً وبعد حوار لم يتجاوز دقائق أصبح الواحد منهم كأنما حل من عقال بعد تبينه وتبصره، وإنك لتشفق على أمثال هؤلاء نظرا لحجم الغفلة والفوات الذي لديهم والذي شكل عندهم صورة ذهنية سلبية في بعض المسائل والقضايا مبنية على قاعدة خاطئة، والمشكلة أن البعض يعتقد أنه إذا حرم فقد برئت ذمته ونسي أن تحريم الحلال كتحليل الحرام بل لقد قرر المحققون من أهل العلم بأن الأول أشد حرمة ونكيرا وهو تحريم الحلال؛ لأن الأصل في الأشياء الحل والإباحة؟ وفي العموم قال الله تعالى: «ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام» فسوى بينهما في النهي.
عودة إلى رمضان .دونا من شخصية وزير العدل وحياته الخاصة، أين تصلي التراويح، وما هي المأكولات والمشروبات التي تحرص على تواجدها على سفرة إفطارك في رمضان؟
أصليها في أقرب مسجد ولا أتتبع المساجد، أما المأكولات والمشروبات فأنا فيها بحمد الله معتدل، ولا أختلف عن غيري في عموم الناس في هذا الشهر الفضيل وغيره لا في مأكل ولا مشرب، وهناك أطعمة اختصت عرفا بهذا الشهر الفضيل آخذ منها، وأحرص على السنة بالإفطار على التمر، ونحن نأكل لنعيش لا نعيش لنأكل، ويؤسفني مد الموائد والإسراف فيها خاصة في هذا الشهر الفضيل وهو شهر الصيام؛ شهر تجديد العهد بحمل النفس على الصبر عن المأكل والمشرب، فكيف يكون هذا ثم يعقبه هذا النمط الدخيل من الإسراف وقد أمرنا أن نأكل ونشرب ولا نسرف؟.