اختبارات القدرات والقياس تفرِّق بين الجنسين
إخبارية الحفير - متابعات انتقد عدد من الآباء والأمهات اختبارات القدرات والقياس التي منعت أبناءهم وبناتهم من دخول الجامعات لهذا العام، معتبرين فرضه لا يستند لأي دراسات ولا يحقق أي أهداف علمية أو تربوية، خصوصاً وأن المملكة العربية السعودية تعدّ الدولة الوحيدة التي تفرض مثل هذا الاختبار كشرط لدخول الجامعات، مطالبين وزارة التعليم العالي بإلغائه لأنه قاتل لطموحات الطلاب والطالبات. ومن جهة أخرى، كتب عدد من الكتاب والمفكرين عن إجحاف اختزال 12 سنة قضاها الطلاب في الدراسة في ثلاث ساعات، وتكون تلك الساعات الثلاث الحكم على مستقبلهم العلمي والعملي، لما يحويه ذلك الاختبار من عدد كبير من المسائل الحسابية واللغوية والمعلوماتية التي تتطلب الوقت والجهد الكبيرين لحلها، إلا أنها لا تمنح إلا دقيقة واحدة لحلها، ويرى عدد من المختصين أن اختبارات القدرات والقياس تعدّ غربلة وتصفية لنوعية الطلاب الذين سيدخلون الجامعة، وبالتالي إيجاد تنوع وظيفي واقتصادي في المملكة.
100 مليون ريال سنوياً
وتشير الإحصائيات إلى وجود حوالى 331 ألف خريج من مرحلة الثانوية العامة لهذا العام، دفعوا مائة ريال قيمة التسجيل في اختبار القدرات، وقد يكونون دخلوه أكثر من مرة أي ما يعادل 100 مليون ريال سنوياً إذا حسبنا متوسط الدخول ثلاث مرات للاختبار، كما وافقت وزارة التعليم العالي قبل عدة أيام على مقترح تقدم به أعضاء مجلس الشورى وصوّتوا له بالإجماع لإلغاء الرسوم عن الطلاب الذين يدخلون الاختبار للمرة الثانية.
اختيار الصفوة
وذكر عميد القبول والتسجيل في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أمين نعمان أن اختبارات القدرات والقياس يساعد الجامعات على اختيار المتميزين من خريجي الثانوية العامة، ويوجِد نوعاً من التنوع الوظيفي على المدى البعيد، مضيفاً أنه بلاشك يساعد الجامعة والطالب لاختيار المسار والتخصص المناسب لقدراته العقلية ومهاراته المنطقية من أقسام الجامعة، وبالتالي يؤدي للتطور والتنوع الاقتصادي الوطني، مشيراً لأن مثل هذه الاختبارات تعين الجامعة في اختيار النخبة من خريجي الثانويات، ما يساعد كمحصلة نهائية الجامعات على تحسين مخرجات الجامعة بعد تخرج الطلاب وتوجههم لسوق العمل، ملمحاً إلى ضعف مخرجات التعليم العام وعدم مقدرته على تنمية المهارات العقلية المتطورة لدى الطلاب بما يتناسب مع التعليم العالي.
النسبة المحتسبة والمعدل التراكمي
وطالب أحد مراقبي لجنة اختبار القدرات العامة، فضّل عدم ذكر اسمه، بإعادة النظر في مسألة إقرار الاختبار على الطلاب، وخصوصاً فيما يتعلق بالنسبة المحتسبة والموزونة مع المعدل التراكمي للطالب، واقترح أن يتم تعديلها من 30% إلى 10%، مدللاً على جدوى ذلك بأن الكليات العسكرية كانت لا تأخذ بنسبة اختبار القدرات، بل تكتفي بإثبات دخول الطالب للاختبار ثم عدلت ذلك الشرط لتصبح النسبة المقبولة للاختبار 60%، وأاضاف: بل إن أغلب الكليات تطلب درجة الاختبار التحصيلي إضافة لدرجة اختبار القدرات وتكون النسبة المحتسبة: تراكمي 30% + القدرات 30% + التحصيلي 40%، متجاهلين تعب العام الدراسي الكامل الذي جعلوا له نسبة 30% أم القدرات والتحصيلي الذي لا يُعد لهما الطالب خلال وقت كافٍ بـ70% من نسبة القبول بالكليات دون مراعاة لتعب وسهر الطالب.
150 سؤالاً عقبات تعجيزية
وأبان مراقب لجنة اختبار القدرات العامة أن صعوبة الاختبار تكمن في أنه مكون من ستة أقسام وفي كل قسم 25 سؤالاً، وعلى كل طالب أن يجيب عليها في 25 دقيقة أي بمعدل دقيقة لكل سؤال، وقد ينتهي الوقت دون أن ينتهي من القسم الواحد، لأن بعض الفقرات قد تتطلب أكثر من دقيقة واحدة للتفكير في حلها، وختم حديثه قائلاً إن هناك دولاً مثل اليابان وغيرها تخضع خريجي الثانويات لديها لمثل هذا الاختبار لأن أعداد الخريجين كبيرة مقارنة بأعداد المقاعد المتاحة في الجامعات، ولضعف الميزانيات التي تم تخصيصها للتعليم العالي لديهم نظراً لكلفته العالية، أما في المملكة فالوضع مغاير جداً، فأعداد الخريجين لدينا مقاربة لأعداد المقاعد المتاحة في الجامعات، سنوياً تقبل الجامعات السعودية قرابة 250 ألف طالب وطالبة، وعدد الخريجين سنوياً في حدود 330 ألفاً، والدولة تخصص ميزانيات كبيرة للجامعات، ولا مبرر لفرض مثل هذه العقبات التي تنغص حياة المواطنين ولا تكمل فرحتهم بأبنائهم.
البديل المتاح
وتقول صاحبة مؤسسة تلاد الذهبي للتوظيف النسائي أماني بنتن، إن قرار فرض اختبار القدرات كأحد الشروط للقبول الجامعي قرار فاشل، لأنه لا يراعي الطالب الذي تعب 12 سنة من سنين عمره وأفناها في الدراسة وبعد ذلك شرط صغير يحول بينه وبين حلمه، وهو خطأ كبير يرتكب في حق أبنائنا، نظراً لعدم وجود خيارات أخرى بديلة عن دخول الجامعات، مؤكدة أن متطلبات سوق العمل الأساسية هي التعليم الأكاديمي، حيث يتم حصر كل التخصصات العلمية في الجامعات الحكومية التي بلغ عددها بفروعها ثلاثين جامعة حكومية، مع وجود جامعات أهلية معدودة وباهظة التكاليف، حيث لا يستطيع معظم أفراد الشعب تحمل نفقات الدراسة السنوية فيها، ومعاهد التعليم التقني المحدودة العدد.
القدرات من خارج المناهج
و أشادت فاطمة الغامدي، خريجة من المرحلة الثانوية لهذا العام، باختبار التحصيلي الذي يختبر الطالب في جميع المقررات التي تمت دراستها في مراحل الثانوية الثلاث بحسب تخصصاتهم إن كانت أدبية أو علمية، وعدّتها المقياس الحقيقي لتحصيل الطالب العلمي بعكس امتحان القدرات الذي يحتوي على أسئلة وأفكار لم يتطرق لها أي كتاب مدرسي من قبل، وخصوصاً فيما يتعلق بالأسئلة الرياضية والمنطقية، مطالبة الوزارة بإلغاء القدرات والإبقاء على الاختبار التحصيلي الذي تراه مقياساً حقيقياً لمحصلة الطالب العلمية. وانتقدت فاطمة عدم التأهيل والتدريب للطالب لدخول اختبار القدرات.
لماذا السنة التحضيرية؟
وترى سعاد مكي، أم لخمسة أطفال، عدم جدوى اختبار القدرات في ظل وجد السنة التحضيرية في الجامعات، معتبرة هذه السنة بمثابة سنة لتأهيل الطلاب ومعرفة مدى ملاءمتهم للالتحاق بالمقاعد الأكاديمية.
ومن جهتها، تقول مديرة الموارد البشرية الدكتورة ليلى البركاتي: «كأم، أرى أن الاختبار مجحف في حق الطلاب وهم يودون أن يواصلوا دراستهم الأكاديمية، وكمتخصصة ومحتكة بسوق العمل أرى أن اختبار القدرات طريقة لإيجاد حل للفجوة بين التعليم العام والعالي»، مضيفة أن القائمين على العملية التعليمية وجدوا خللاً واضحاً وفجوة بين التعليم العام والعالي بحيث يتخرج الطالب من الجامعات ولا يفقه شيئاً في تخصصه «فخريج قسم اللغة الإنجليزية أو الفرنسية يتخرج ولا يجيد التحدث أو الكتابة بطلاقة»، ويتخرج طالب الثانوية وهو لا يملك من المهارات ما يؤهله ليكون طالباً جامعياً.
إلغاء 12 سنة من الدراسة
من جانبه، يرى عضو جمعية الاقتصاد السعودية، وعضو الجمعية السعودية للجودة الأستاذ عصام خليفة، أن اختبارات القياس والقدرات لخريجي الثانوية العامة سواء خريجي المدارس الأهلية أو الحكومية، الذين يصل عدد الخريجين والخريجات بالمدارس الثانوية إلى 332 ألف خريج بين بنين وبنات، لهما عديد من القراءات منها: عدم ثقة التعليم العالي بمخرجات وزارة التربية والتعليم، وعدم قناعتها بكفاءة الطلاب والطالبات المتخرجين من المرحلة الثانوية، حيث أصبحت هذه الاختبارات هي الشرط الأساس لدخول الجامعة، ملغية في ذلك 12 سنة من جهود الطلاب والطالبات من الدراسة والتحصيل العلمي خلال المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية.
تفرقة بين الجنسين
وأشار خليفة لمسألة أن الطالب يُختبر قبل دخول الجامعة أربعة اختبارات قدرات (اختياري) وواحد تحصيلي، والبنات اختبار واحد للقدرات، وواحد تحصيلي، ويُعدّ ذلك تفرقة بين الطالبات والطلاب وعدم إعطاء الطالبات نفس الفرص، وبالتالي سيحصل الطلاب على درجات أفضل لأنهم أعطوا فرصاً أكثر.
مشروع تجاري
وعن هدف هذه الاختبارات يقول خليفة: «واضح أن الهدف تجاري أكثر منه علمي»، حيث يدفع كل طالب وطالبة إجبارياً مبلغ مائة ريال لكل اختبار، وبالتالي يتحصل المركز على ما يقارب الـ100 مليون ريال سنوياً، وهو مبلغ كبير جداً ويعدّ استغلالاً لحاجة الطلاب وأسرهم لأنهم يبحثون عن أفضل الدرجات للدخول للجامعة، علماً بأن الدولة ليست في حاجة لهذه المبالغ، فهي تصرف مليارات الريالات في مجال التعليم والتدريب، وتعدّ ميزانية وزارة التعليم من أكبر الميزانيات مقارنة مع الوزارات الأخرى.
إبداع في قتل الإبداع
وختم حديثه قائلاً: لا تعدّ هذه الاختبارات مقياساً لنجاح الطلاب في المرحلة الجامعية، ولا تؤهل الطلاب ولا تطور مهاراتهم للدخول في الجامعة، حيث اعتمدت معظم الجامعات السنوات التحضيرية للطلاب والطالبات لمعرفة قدراتهم ومهاراتهم للتفاعل مع المواد الجامعية وإمكاناتهم في إجراء البحوث العلمية، ومن ثم توجههم للكليات المناسبة لهم، لذا تعدّ هذه الاختبارات مجرد تحصيل حاصل وليس لها أي داعي للاستمرار فيها طالما وجدت السنوات التحضيرية في الجامعات، وفي اعتقادي هي في حد ذاتها تعدّ إبداعاً في قتل إبداعات الطلاب والطالبات، ويجب على وزارة التعليم العالي إعادة النظر فيها لأنها تعمل على قتل طموحات الطلاب والطالبات، فمن المجحف أن يتم الحكم على الطلاب والطالبات وحسم مستقبلهم العلمي من خلال اختبار واحد لا يستغرق أكثر من ثلاث ساعات يحتوي على عدة مسائل حسابية أو لغوية أو منطقية ويتجاهل كل العوامل الأخرى المؤثرة في المسيرة التعليمية للطلاب.
قدرات وتحصيل
من جانبه، ذكر مدير إدارة الاتصال والعلاقات العامة بالمركز الوطني للقياس والتقويم في التعليم العالي إبراهيم محمد الرشيد، أنه في التاسع عشـر من جمادى الأولى من عام 1421هـ صدر الأمر السامي بالموافقة على قرار مجلس التعليم العالي، المؤيد بقرار مجلس الوزراء، والمتضمن أن يكون من ضمن متطلبات القبول بالجامعات إجراء اختبارات تكون نتيجتها معياراً يستخدم إلى جانب معيار الثانوية العامة، ويُجرى هذا الاختبار وفقاً لقياس قدرات الطلبة ومهاراتهم واتجاهاتهم، وقياس تحصيلهم العلمي، وتكون هذه الاختبارات موحدة للتخصصات التي تدخل تحت نوعية واحدة.واستجابة لهذه التوجهات تم إنشاء «المركز الوطني للقياس والتقويم في التعليم العالي»، يقوم بتحصيل مقابل مالي يتناسب مع تكاليف عقد هذه الاختبارات؛ لتغطية نفقات التشغيل والتطوير والقيام بالبحوث اللازمة لذلك.
ولسنا الدولة الوحيدة التي تطبق مقاييس القياس والتقويم، ومراكز القياس والتقويم موجودة في معظم دول العالم، وهذه الاختبارات لها تجربة من قبل في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، فالتجربة ليست حديثة.
استراتيجية ومبادرات
وأضاف الرشيد أن المركز يعمل حالياً على وضع خطة استراتيجية بالإضافة إلى مبادرات ومشروعات متنوعة، والتوسع في الخدمات والاختبارات لتلبية احتياجات قطاع التعليم وقطاع الأعمال، والاستفادة من التجارب العالمية في القياس والتقويم.
تهيئة الطلاب
أما بخصوص عمل دورات مجانية لتأهيلهم لدخول الاختبار حماية لهم من المراكز الخاصة، فذكر الرشيد أن المركز الوطني للقياس والتقويم يعمل ومنذ وقت مبكر على تهيئة وتدريب الطلاب والطالبات والمستفيدين من خدمات المركز، ولاشك أنّ المركز لم يغفل هذا الجانب، حيث وفّر كتاباً تدريبياً للطلاب وذلك للاستفادة من مفاهيم الاختبار الأساسية وأيضاً تقديم محتوى يفيد الطالب في التهيئة والاستعداد لهذا الاختبار، بالإضافة إلى تقديم نماذج من اختبارات تجريبية ويستفيد منها الطالب، ودشن المركز مؤخراً موقعاً إلكترونياً مجانياً للتهيئة والتدريب، ويأتي برنامج التهيئة والتدريب في باكورة برامج أخرى ينوي المركز إطلاقها في الأعوام المقبلة، مثل مقياس التحصيلي والمعلمين والجامعيين وغيرها».
100 مليون ريال سنوياً
وتشير الإحصائيات إلى وجود حوالى 331 ألف خريج من مرحلة الثانوية العامة لهذا العام، دفعوا مائة ريال قيمة التسجيل في اختبار القدرات، وقد يكونون دخلوه أكثر من مرة أي ما يعادل 100 مليون ريال سنوياً إذا حسبنا متوسط الدخول ثلاث مرات للاختبار، كما وافقت وزارة التعليم العالي قبل عدة أيام على مقترح تقدم به أعضاء مجلس الشورى وصوّتوا له بالإجماع لإلغاء الرسوم عن الطلاب الذين يدخلون الاختبار للمرة الثانية.
اختيار الصفوة
وذكر عميد القبول والتسجيل في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أمين نعمان أن اختبارات القدرات والقياس يساعد الجامعات على اختيار المتميزين من خريجي الثانوية العامة، ويوجِد نوعاً من التنوع الوظيفي على المدى البعيد، مضيفاً أنه بلاشك يساعد الجامعة والطالب لاختيار المسار والتخصص المناسب لقدراته العقلية ومهاراته المنطقية من أقسام الجامعة، وبالتالي يؤدي للتطور والتنوع الاقتصادي الوطني، مشيراً لأن مثل هذه الاختبارات تعين الجامعة في اختيار النخبة من خريجي الثانويات، ما يساعد كمحصلة نهائية الجامعات على تحسين مخرجات الجامعة بعد تخرج الطلاب وتوجههم لسوق العمل، ملمحاً إلى ضعف مخرجات التعليم العام وعدم مقدرته على تنمية المهارات العقلية المتطورة لدى الطلاب بما يتناسب مع التعليم العالي.
النسبة المحتسبة والمعدل التراكمي
وطالب أحد مراقبي لجنة اختبار القدرات العامة، فضّل عدم ذكر اسمه، بإعادة النظر في مسألة إقرار الاختبار على الطلاب، وخصوصاً فيما يتعلق بالنسبة المحتسبة والموزونة مع المعدل التراكمي للطالب، واقترح أن يتم تعديلها من 30% إلى 10%، مدللاً على جدوى ذلك بأن الكليات العسكرية كانت لا تأخذ بنسبة اختبار القدرات، بل تكتفي بإثبات دخول الطالب للاختبار ثم عدلت ذلك الشرط لتصبح النسبة المقبولة للاختبار 60%، وأاضاف: بل إن أغلب الكليات تطلب درجة الاختبار التحصيلي إضافة لدرجة اختبار القدرات وتكون النسبة المحتسبة: تراكمي 30% + القدرات 30% + التحصيلي 40%، متجاهلين تعب العام الدراسي الكامل الذي جعلوا له نسبة 30% أم القدرات والتحصيلي الذي لا يُعد لهما الطالب خلال وقت كافٍ بـ70% من نسبة القبول بالكليات دون مراعاة لتعب وسهر الطالب.
150 سؤالاً عقبات تعجيزية
وأبان مراقب لجنة اختبار القدرات العامة أن صعوبة الاختبار تكمن في أنه مكون من ستة أقسام وفي كل قسم 25 سؤالاً، وعلى كل طالب أن يجيب عليها في 25 دقيقة أي بمعدل دقيقة لكل سؤال، وقد ينتهي الوقت دون أن ينتهي من القسم الواحد، لأن بعض الفقرات قد تتطلب أكثر من دقيقة واحدة للتفكير في حلها، وختم حديثه قائلاً إن هناك دولاً مثل اليابان وغيرها تخضع خريجي الثانويات لديها لمثل هذا الاختبار لأن أعداد الخريجين كبيرة مقارنة بأعداد المقاعد المتاحة في الجامعات، ولضعف الميزانيات التي تم تخصيصها للتعليم العالي لديهم نظراً لكلفته العالية، أما في المملكة فالوضع مغاير جداً، فأعداد الخريجين لدينا مقاربة لأعداد المقاعد المتاحة في الجامعات، سنوياً تقبل الجامعات السعودية قرابة 250 ألف طالب وطالبة، وعدد الخريجين سنوياً في حدود 330 ألفاً، والدولة تخصص ميزانيات كبيرة للجامعات، ولا مبرر لفرض مثل هذه العقبات التي تنغص حياة المواطنين ولا تكمل فرحتهم بأبنائهم.
البديل المتاح
وتقول صاحبة مؤسسة تلاد الذهبي للتوظيف النسائي أماني بنتن، إن قرار فرض اختبار القدرات كأحد الشروط للقبول الجامعي قرار فاشل، لأنه لا يراعي الطالب الذي تعب 12 سنة من سنين عمره وأفناها في الدراسة وبعد ذلك شرط صغير يحول بينه وبين حلمه، وهو خطأ كبير يرتكب في حق أبنائنا، نظراً لعدم وجود خيارات أخرى بديلة عن دخول الجامعات، مؤكدة أن متطلبات سوق العمل الأساسية هي التعليم الأكاديمي، حيث يتم حصر كل التخصصات العلمية في الجامعات الحكومية التي بلغ عددها بفروعها ثلاثين جامعة حكومية، مع وجود جامعات أهلية معدودة وباهظة التكاليف، حيث لا يستطيع معظم أفراد الشعب تحمل نفقات الدراسة السنوية فيها، ومعاهد التعليم التقني المحدودة العدد.
القدرات من خارج المناهج
و أشادت فاطمة الغامدي، خريجة من المرحلة الثانوية لهذا العام، باختبار التحصيلي الذي يختبر الطالب في جميع المقررات التي تمت دراستها في مراحل الثانوية الثلاث بحسب تخصصاتهم إن كانت أدبية أو علمية، وعدّتها المقياس الحقيقي لتحصيل الطالب العلمي بعكس امتحان القدرات الذي يحتوي على أسئلة وأفكار لم يتطرق لها أي كتاب مدرسي من قبل، وخصوصاً فيما يتعلق بالأسئلة الرياضية والمنطقية، مطالبة الوزارة بإلغاء القدرات والإبقاء على الاختبار التحصيلي الذي تراه مقياساً حقيقياً لمحصلة الطالب العلمية. وانتقدت فاطمة عدم التأهيل والتدريب للطالب لدخول اختبار القدرات.
لماذا السنة التحضيرية؟
وترى سعاد مكي، أم لخمسة أطفال، عدم جدوى اختبار القدرات في ظل وجد السنة التحضيرية في الجامعات، معتبرة هذه السنة بمثابة سنة لتأهيل الطلاب ومعرفة مدى ملاءمتهم للالتحاق بالمقاعد الأكاديمية.
ومن جهتها، تقول مديرة الموارد البشرية الدكتورة ليلى البركاتي: «كأم، أرى أن الاختبار مجحف في حق الطلاب وهم يودون أن يواصلوا دراستهم الأكاديمية، وكمتخصصة ومحتكة بسوق العمل أرى أن اختبار القدرات طريقة لإيجاد حل للفجوة بين التعليم العام والعالي»، مضيفة أن القائمين على العملية التعليمية وجدوا خللاً واضحاً وفجوة بين التعليم العام والعالي بحيث يتخرج الطالب من الجامعات ولا يفقه شيئاً في تخصصه «فخريج قسم اللغة الإنجليزية أو الفرنسية يتخرج ولا يجيد التحدث أو الكتابة بطلاقة»، ويتخرج طالب الثانوية وهو لا يملك من المهارات ما يؤهله ليكون طالباً جامعياً.
إلغاء 12 سنة من الدراسة
من جانبه، يرى عضو جمعية الاقتصاد السعودية، وعضو الجمعية السعودية للجودة الأستاذ عصام خليفة، أن اختبارات القياس والقدرات لخريجي الثانوية العامة سواء خريجي المدارس الأهلية أو الحكومية، الذين يصل عدد الخريجين والخريجات بالمدارس الثانوية إلى 332 ألف خريج بين بنين وبنات، لهما عديد من القراءات منها: عدم ثقة التعليم العالي بمخرجات وزارة التربية والتعليم، وعدم قناعتها بكفاءة الطلاب والطالبات المتخرجين من المرحلة الثانوية، حيث أصبحت هذه الاختبارات هي الشرط الأساس لدخول الجامعة، ملغية في ذلك 12 سنة من جهود الطلاب والطالبات من الدراسة والتحصيل العلمي خلال المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية.
تفرقة بين الجنسين
وأشار خليفة لمسألة أن الطالب يُختبر قبل دخول الجامعة أربعة اختبارات قدرات (اختياري) وواحد تحصيلي، والبنات اختبار واحد للقدرات، وواحد تحصيلي، ويُعدّ ذلك تفرقة بين الطالبات والطلاب وعدم إعطاء الطالبات نفس الفرص، وبالتالي سيحصل الطلاب على درجات أفضل لأنهم أعطوا فرصاً أكثر.
مشروع تجاري
وعن هدف هذه الاختبارات يقول خليفة: «واضح أن الهدف تجاري أكثر منه علمي»، حيث يدفع كل طالب وطالبة إجبارياً مبلغ مائة ريال لكل اختبار، وبالتالي يتحصل المركز على ما يقارب الـ100 مليون ريال سنوياً، وهو مبلغ كبير جداً ويعدّ استغلالاً لحاجة الطلاب وأسرهم لأنهم يبحثون عن أفضل الدرجات للدخول للجامعة، علماً بأن الدولة ليست في حاجة لهذه المبالغ، فهي تصرف مليارات الريالات في مجال التعليم والتدريب، وتعدّ ميزانية وزارة التعليم من أكبر الميزانيات مقارنة مع الوزارات الأخرى.
إبداع في قتل الإبداع
وختم حديثه قائلاً: لا تعدّ هذه الاختبارات مقياساً لنجاح الطلاب في المرحلة الجامعية، ولا تؤهل الطلاب ولا تطور مهاراتهم للدخول في الجامعة، حيث اعتمدت معظم الجامعات السنوات التحضيرية للطلاب والطالبات لمعرفة قدراتهم ومهاراتهم للتفاعل مع المواد الجامعية وإمكاناتهم في إجراء البحوث العلمية، ومن ثم توجههم للكليات المناسبة لهم، لذا تعدّ هذه الاختبارات مجرد تحصيل حاصل وليس لها أي داعي للاستمرار فيها طالما وجدت السنوات التحضيرية في الجامعات، وفي اعتقادي هي في حد ذاتها تعدّ إبداعاً في قتل إبداعات الطلاب والطالبات، ويجب على وزارة التعليم العالي إعادة النظر فيها لأنها تعمل على قتل طموحات الطلاب والطالبات، فمن المجحف أن يتم الحكم على الطلاب والطالبات وحسم مستقبلهم العلمي من خلال اختبار واحد لا يستغرق أكثر من ثلاث ساعات يحتوي على عدة مسائل حسابية أو لغوية أو منطقية ويتجاهل كل العوامل الأخرى المؤثرة في المسيرة التعليمية للطلاب.
قدرات وتحصيل
من جانبه، ذكر مدير إدارة الاتصال والعلاقات العامة بالمركز الوطني للقياس والتقويم في التعليم العالي إبراهيم محمد الرشيد، أنه في التاسع عشـر من جمادى الأولى من عام 1421هـ صدر الأمر السامي بالموافقة على قرار مجلس التعليم العالي، المؤيد بقرار مجلس الوزراء، والمتضمن أن يكون من ضمن متطلبات القبول بالجامعات إجراء اختبارات تكون نتيجتها معياراً يستخدم إلى جانب معيار الثانوية العامة، ويُجرى هذا الاختبار وفقاً لقياس قدرات الطلبة ومهاراتهم واتجاهاتهم، وقياس تحصيلهم العلمي، وتكون هذه الاختبارات موحدة للتخصصات التي تدخل تحت نوعية واحدة.واستجابة لهذه التوجهات تم إنشاء «المركز الوطني للقياس والتقويم في التعليم العالي»، يقوم بتحصيل مقابل مالي يتناسب مع تكاليف عقد هذه الاختبارات؛ لتغطية نفقات التشغيل والتطوير والقيام بالبحوث اللازمة لذلك.
ولسنا الدولة الوحيدة التي تطبق مقاييس القياس والتقويم، ومراكز القياس والتقويم موجودة في معظم دول العالم، وهذه الاختبارات لها تجربة من قبل في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، فالتجربة ليست حديثة.
استراتيجية ومبادرات
وأضاف الرشيد أن المركز يعمل حالياً على وضع خطة استراتيجية بالإضافة إلى مبادرات ومشروعات متنوعة، والتوسع في الخدمات والاختبارات لتلبية احتياجات قطاع التعليم وقطاع الأعمال، والاستفادة من التجارب العالمية في القياس والتقويم.
تهيئة الطلاب
أما بخصوص عمل دورات مجانية لتأهيلهم لدخول الاختبار حماية لهم من المراكز الخاصة، فذكر الرشيد أن المركز الوطني للقياس والتقويم يعمل ومنذ وقت مبكر على تهيئة وتدريب الطلاب والطالبات والمستفيدين من خدمات المركز، ولاشك أنّ المركز لم يغفل هذا الجانب، حيث وفّر كتاباً تدريبياً للطلاب وذلك للاستفادة من مفاهيم الاختبار الأساسية وأيضاً تقديم محتوى يفيد الطالب في التهيئة والاستعداد لهذا الاختبار، بالإضافة إلى تقديم نماذج من اختبارات تجريبية ويستفيد منها الطالب، ودشن المركز مؤخراً موقعاً إلكترونياً مجانياً للتهيئة والتدريب، ويأتي برنامج التهيئة والتدريب في باكورة برامج أخرى ينوي المركز إطلاقها في الأعوام المقبلة، مثل مقياس التحصيلي والمعلمين والجامعيين وغيرها».