• ×
الجمعة 20 جمادى الأول 1446

«الجرافولوجي» علم حديث يثير الجدل.. وباحثة شرعية تتهم ممارسيه بالدجل والشعوذة ومحللون يصفونه بالفراسة!

«الجرافولوجي» علم حديث يثير الجدل.. وباحثة شرعية تتهم ممارسيه بالدجل والشعوذة ومحللون يصفونه بالفراسة!
بواسطة سلامة عايد 11-06-1433 08:55 صباحاً 531 زيارات
إخبارية الحفير - متابعات: كثر الجدل مؤخراً حول مصداقية خبراء «تحليل الشخصية» «الجرافولوجي»، الذين «يدعون» قدرتهم على اكتشاف الصفات الشخصية من خلال الكتابة عبر الخط أو التوقيع، إضافةً إلى قدرتهم على التعرف على الحالة الصحية والمرضية لصاحب الخط إن كان مصابا بمرض ما، وفيما يؤكد ممارسو «الجرافولوجي» أنه علم يرتكز على أسس علمية، وأن كل حركة تصدر من الإنسان تكون خاضعة لجهازه العصبي مباشرة، وكل ما يكتبه الإنسان يسيطر عليه اللاوعي أو اللاشعور، وأن الكتابة والرسم تعبير دقيق جدا لما يختلج في أعماق نفسه، اتهمت أستاذة العقيدة والأديان والمذاهب المعاصرة بكلية التربية للبنات بجدة، المشرفة على موقع «الفكر العقدي الوافد ومنهجية التعامل معه» الدكتورة فوز كردي ممارسي «الجرافولوجي» بالعرافة والدجل والشعوذة، مشيرة إلى أن حقيقته القول بالظن والرجم بالغيب مع شيء من الكهانة، وأنه كلما كان صاحبه أحذق كان أقرب إلى إعانة الشياطين بعلم منه أو بجهل.
المصادر فتحت هذا الملف لمعرفة مدى صحة النتائج التي يتوصل إليها خبراء التحليل من خلال قراءة الخط، وحججهم على حقيقته وواقعيته، وكذلك معرفة آراء المناهضين له من خلال الرأي والرأي الآخر في ثنايا الأسطر التالية:
أسس علمية


يشير المحلل المعتمد من الأكاديمية الدولية لتحليل الخط بفرنسا الخبير سلطان المخلفي، إلى أن هذا العلم يرتكز على أسس علمية حيث إن كل حركة تصدر من الإنسان تكون خاضعة لجهازه العصبي مباشرة، فكل ما يكتبه الإنسان يسيطر عليه اللاوعي أو اللاشعور، وإذا كان العالم النفسي «فرويد» يرى أن الإبداعات، والأحلام هي طريق لأعماق الإنسان، فمن باب أولى أن تكون رسوماته وكتاباته هي في الحقيقة تعبير دقيق جدا لما يختلج في أعماق نفسه، واستشهد بكلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حينما قال «ما أضمر أحدٌ شيئاً إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه».
نبضات كهربائية

وأوضح المخلفي أن كل ما يحدث للإنسان من انفعال أياً كان نوعه يحفظ على شكل شفرة أو رسالة في مخه، وحال الكتابة تفسر أدق وأصغر النبضات الكهربائية للألياف العصبية المتدفقة من الدماغ إلى أصابع اليد لكون العقل الباطن يرسل تلك الرسائل لتتمثل لنا على شكل رسومات أو خطوط، فمن خلال الشخبطات نستطيع أن نعرف حالة الكاتب العقلية واهتمامه بيئته وعلاقته بها، ومدى اتصاله بالآخرين، وشعوره الذي يعيشه نفس لحظة الكتابة، والعديد من الصفات التي تميز شخصيته، وكذلك قدراته العقلية، وانفعالاته الداخلية. وأن علم الجرافولوجي هو مرآة الإنسان الحقيقة لذاته، وذلك لأن بإمكانك الكتابة ومن ثم تحليل خطك ومعرفة نفسيتك ومشاعرك وسلوكك.
أمريكا تحلل

وأكد المخلفي على أن «الجرافولوجي» استخدم في أميركا لتحليل خط الرئيس صدام حسين في حرب الخليج لفهم شخصيته وسماته النفسية، وكذلك دراسة خط الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله -، وأيضا للرئيس ياسر عرفات. وأشار المخلفي إلى انتقادات شديدة وجهت له حيث قال «هذا العلم واجه الانتقاد من بعض الذين لم يفهموا طبيعته، ومن المناسب أن أضرب مثلا لعمل «الجرافولوجي» من خلال صورة يجمع الكل عليها وهي تخطيط القلب، فمن المعلوم أننا من خلال الخطوط المتشكلة في ورقة تحليل القلب يستطيع الطبيب معرفة سلامة القلب وقوة العضلة ونسبة الكولسترول، ولم نقل بالتحريم مع العلم أن الجهاز العصبي أدق من جهاز القياس ونحوه ولذلك فإن هذا العلم يدرس في جامعات عريقة غربية كفرع من فروع علم النفس». كما بين المخلفي أنه يستطيع معرفة الأمراض من خلال تحليل الخط، منها أن أحد الأفراد طلب منه تحليل خطه وأخبره بأن لديه مشكلة في أنفه فذكر أنه جرح تعرض له قبل يومين، كذلك حلل خط متدربة خلال إحدى الدورات فكانت حامل وبعد إجراءها التحليل أخبرتهم بحملها.
عرافة وكهانة

أشارت أستاذة العقيدة والأديان والمذاهب المعاصرة بكلية التربية للبنات بجدة المشرفة على موقع «الفكر العقدي الوافد ومنهجية التعامل معه « الدكتورة فوز كردي إلى أن «الجرافلوجي» وما يسمى «تحليل الشخصية» عبر الخط أو التوقيع، حقيقته القول بالظن والرجم بالغيب مع شيء من العرافة والكهانة، مؤكدةً على أنه كلما كان صاحبه أحذق كان أقرب إلى إعانة الشياطين بعلم منه أو بجهل، فيحدّث ببعض المغيبات الماضية، أو المستقبلية، ويظن أنه علم إنما تلقاه من معرفته بخصائص دلالة هذا الانحناء في التوقيع أو تلك الطريقة والزاوية في كتابة رسم ذلك الحرف.
تزوير التوقيعات

وأضافت كردي « لو فكرنا بعقولنا فقط بعيداً عن تأثير الدعاية لفوائد هذه الدورات وإيحاءات نفعها لنتساءل: ما الفائدة المرجوة من وراء هذه المعرفة وهي تعطي حكماً على الشخصيات، ولا تعطي دلائل على السمات، ولا تدل على طرق تقويمها؟ ثم أي خط ذلك الذي تستشف منه شخصية شخص بارع في محاكاة الخطوط جميعها، وتزوير التوقيعات؟ ما هو مصدر هذا العلم، من هم أهله، ورواده، ماهي مصادره المكتوبة، ماهي قيمته في الساحات العلمية، وما هي فوائده للحياة والعبادة، في الدنيا والآخرة».
علوم زائفة

وتساءلت كردي لماذا لَم يعلمنا إياه رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم الذي ما ترك من خير إلا ودلَّنا عليه، ولا شر إلا وحذرنا منه، فجزاه الله عنَّا بخير ما جزى نبيّاً عن أمته، ألف تساؤل، وتساؤل، قد يجد المفتونون بهذه الضلالات جواباً لبعضها، ويجيدون التهرب من بعضها، ويبقى أكثرها دون إجابة شافية. واستشهدت بتسمية الغرب الذي لا يضبط علومه بضابط الدين وليس له مرجعية دينية شاملة تضيء له في دنياه، وإنما يضع للقبول والتقويم فقط معيار النفع أو التحقق، واصفة «الجرافولوجي» وعائلته بـ»العلوم الزائفة».
تزيين الشياطين

وأكدت كردي أن كل ما نحتاجه لنعرف أنفسنا، ونعرف الآخرين: قد دل عليه النقل الصحيح أو العقل الصريح وما دون ذلك فهو تزيين الشياطين وإغواؤُهم وصرفهم لبني آدم عما ينفعهم. وأضافت «تحليل الشخصية أو بعض سماتها بالمنهج العلمي الذي يقوم به المختصون، يختلف عن هذا الهراء الباطل، فالتحليل الصحيح يعتمد على معطيات حقيقية، وأسس سلوكية، يستشف من خلالها بعض السمات العامة للشخصية، ويتضمن الدلالة على طريقة تعديل السيئ منها، وتعزيز الجيد ومن ثَمَّ تغيير الشخصية للأفضل أو ما نسميه التربية وتزكية النفس».
تنجيم والشعوذة


يؤكد مؤلف كتاب «كشف الأخلاق بتوقيع الأوراق «ماجد المقرن على وجود فرق بين التنجيم والشعوذة، وبين الفراسة التي يعتمد عليها خبراء التحليل سواء الخط أو التوقيع، مشيرا إلى وجود فروقات واضحة، وقال: «التنجيم كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله -، «هو الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية». وقد جاءت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بإبطال علم التنجيم وذمه والتحذير منه، وهي كثيرة منها: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد )».
فراسة المؤمن

وأشار خبير تحليل الشخصية من خلال التوقيع إلى أن الفراسة كما جاءت في لسان العرب لابن منظور: (الفراسة: بكسر الفاء، النظر والتثبت والتأمل للشيء والبصر به يقال إنه لفارس بهذا لأمر إذا كان عالما به وتفرس بالشيء يعني توسمه. والاسم الفراسة بالكسر وفي الحديث: «اتقوا فراسة المؤمن» وأضاف «قال ابن الأثير: يقال بمعنيين، أحدهما: ما دل ظاهر الحديث عليه وهو ما يوقعه الله تعالى في قلوب أوليائه فيعلمون أحوال بعض الناس بنوع من الكرامات وإصابة الظن والحدس، والثاني: نوع يتعلم بالدلائل والتجارب والخلق والأخلاق فتعرف به أحوال الناس» مشيرا إلى أن أصول علم الفراسة مستندة إلى العلم الطبيعي وتفاريعه مقررة بالتجارب والعلم به يجري فيه بالتعليم والتعلم.
ويبين المقرن أن كل من يأتي بجديد ويخرج عن طور التقليد سيكون عرضة للاتهام من قبل الآخرين، مؤكدا أن الناس أعداء ما جهلوا، وأضاف «الإنسان يستغرب ما لم يعهده، فلو أن أحدا قبل اكتشاف الأشعة السينية أخبر أن آلة تمكن الطبيب من رؤية أجهزة البدن الباطنية لكذبه الناس، أما اليوم فنعتبر الأشعة السينية أمرا اعتياديا لا يدعو إلى الاستغراب وذلك بعد أن تعودنا عليها».
تحليل التواقيع

وشرح المقرن مدى قرب تحليل التواقيع إلى تحليل الخط قائلاً: «الأب واحد من حيث النسب كلها ترجع لعلم الفراسة والقيافة، أما التباين فشتان بينهما «سقيت بماء واحد واختلفت في الطعم والفائدة والنكهة» ومن وجهة نظري فإن في كتابة الحروف تغير واختلاف من وقت لآخر قريب جدا، بل لو تأخذ كتابة عفوية لأي شخص في نفس الصفحة وتتأمل كتابته لأحد الأحرف تلاحظ أن طريقة كتابته للحرف تتباين من سطر لآخر بشكل واضح يجعل من الصعب الاستقرار على صفات محددة للفرد من خلالها، بالإضافة أن كل من يقوم بعملية تحليل خطوط اليد (جرافولوجي) عن طريق كتابة الحروف اعتمد على مصادر كان «الحرف الإنجليزي» موضوع بحثها. لذلك من وجهة رأيي الخاصة ومن خلال البحث والتجربة أرى أن تحليل الشخصية من خلال التوقيع أدق وأقرب إلى الصحة من غيره.