• ×
الإثنين 23 جمادى الأول 1446

تفاوت «المهور»: قبائل تفرض «أبو ريالين».. وفتيات يرفضنه.. وآباء يتكفلون بالزواج

تفاوت «المهور»: قبائل تفرض «أبو ريالين».. وفتيات يرفضنه.. وآباء يتكفلون بالزواج
بواسطة سلامة عايد 05-06-1433 08:39 صباحاً 548 زيارات
إخبارية الحفير : متابعات يرفض بعض الآباء استلام مهر من الشباب المتقدمين للزواج من بناتهم، بل ويعرض بعض الآباء التكفل بجميع مصاريف تجهيز العروس والاحتفال، إكراماً للشاب الكفء وذي الخلق الحسن، لكن بعض الفتيات يرفضن الزواج «بثمن بخس» بل ويرين أن ذلك يقلّل من قيمتهن لدى الأزواج، وفيما تحدد بعض القبائل الحد الأدنى لمهور بناتها بأربعين ألف ريال، فيما لا تزال بعض القبائل تفرض عادات توارثتها منذ 400 سنة وهي ألا يتجاوز المهر «ريالين».
المصادر التقت عددا من الفتيات المقبلات على الزواج وطرحت قضية المهور على عدد من المختصين لمعرفة آرائهم حول ما يقوم به بعض الآباء من خفض للمهور في ظل غلاء المعيشة ، وما مدى قبول هذا الأمر لدى الفتيات.
ندرة الرجال

تقول أميرة (خريجة جامعة الأميرة نورة) «يشتري الأب الرجل لابنته في ظل ندرة وجود الرجال في هذا الوقت فالمهر ليس مكسبا بل هو كالهدية فقط لذا لن نظن أننا مقابل هذا المال نُعطى لهم، وأنا مع خفض المهور وتقاسم الحياة الزوجية من أولها فلا نفرض على الزوج ما لا يطيقه».
قيمتها من مهرها

وتؤكد سهى (فتاة مخطوبة من منطقة القصيم) أنها لا تقبل أن يزوجها والدها بمهر قليل، وقالت «ليس لأن فكرة المادة هي المسيطرة علي، بل لأنني أسمع أن نظرة الرجل أحيانا للفتاة التي تُعطى له بمهر قليل أن أهلها يريدون زواجها بأية طريقة وليس أمامهم إلا خفض مهرها، بعكس التي يبين أهلها قيمتها من خلال مهرها الغالي وهذا ما يفكر فيه جميع من حولي وهي وجهة نظر تبدو معممة على من هن بمثل سني».
(20 30 )ألفا

وترى «روان» (من مدينة الدمام) «إن المهر يكفل للفتاة تغطية احتياجاتها قبل أن تدخل بيت زوجها» وقالت»إن كان الأب مقتدرا فلا مانع من خفض المهر ولكن ليس إلى درجة أن يكون ريالا أو ريالين، ولكنه في المعقول أن يكون من عشرين ألفا إلى 35 ألفا و يتكفل الأب بتغطية ما يلزم ابنته في حال طلب مهر قليل ليشتري هذا الرجل لابنته».
مال يتبدّد

وتخالفهن الرأي (سميّة محمد) من منطقة القصيم حيث علقت قائلة «الفتاة منا تعتقد أن المهر ضرورة يجب أن تشتري به ما يلزم و ما لا يلزم و هو مصيره بعد شهر من الزواج إلى صناديق الجمعيات أو النفايات، لذا تعتقد مخطئة بأنه يكفل كرامتها وماهو إلا مال يتبدّد، أنا فتاة جامعية ومقبلة على الزواج ولا أتوقع من أبي أن يزوجني بريال أو بألف ولكني أتوقع منه أنه لن يفرض على الزوج مبلغا بل سيترك له الحرية أن يقدم ما يستطيع أن يقدمه لي كرمز عطاء وإهداء في أول مشوارنا».
بني ثابت

وتتوارث قبائل في منطقة عسير عادات قبلية من مئات السنين من الأجداد والآباء على الرغم من مرور السنين والتطور الكبير الذي شهده العالم، وتحدث الشيخ عبدالله بن أحمد الشهري، الذي انحصرت العادة في قبيلته (بني ثابت) التي تقطن محافظة النماص (150 كم شمال مدينة أبها) قائلاً «نحن في قبيلة بني ثابت توارثنا من أجدادنا وآبائنا أن يكون المهر زهيدا حيث كان المهر قبل نحو أربعمائة سنة ريالا واحدا وهو (ريال فرنسي) كما سمعنا من أجدادنا، واليوم أصبح المهر (ريالين) ولا تزال هذه العادة قائمة حتى اليوم وهي قائمة في قبيلة بني ثابت والتي تضم ست قرى (قرية العددة ويتبعها قرية العرش وقرية السرو ويتبعها قرية يانف وقرية أكرم ويتبعها قرية آل زمام) بشرط أن يكون الزوج والزوجة من نفس القبيلة.
القهوة والتمر

وأضاف الشهري» لم تستطع التنظيمات الجديدة وتحديد المهور من الدولة إلغاء هذه العادة، حيث من عادتنا أن الزوج يقدم مع والده وثلاثة أشخاص آخرين إلى بيت أبي الزوجة ويطلبونها منه ومن ثم يتم القبول ولا يكون هناك وليمة سوى القهوة والتمر، ويوم المُلكة يأتي الزوج برفقة والده وثلاثة أشخاص بحضور المأذون الشرعي ويعقد لهما دون تكاليف ثم ينصرف الجميع ويوم الزواج يأتي الزوج ووالده وبنفس العدد إلى منزل أبي الزوجة، فيولم أبو الزوجة وليمة بسيطة عبارة عن (المشاغيث) وهي إناء خشبي به عصيدة من البُر ووسطها السمن والعسل ويدعو عليها أبو الزوجة الجيران والأقارب ومن ثم يكون في المجلس قسَم من قبل الزوج وأبي الزوجة صيغته (أقسم بالله أنني ما أعطيت عمي مهرا لابنته إلا مهر قبيلة بني ثابت وهو ريالان) وكذلك أبو الزوجة يقسم بالله أنه لم يأخذ مهرا لابنته إلا مهر قبيلة بني ثابت وهو ريالان) ويأخذ الزوج زوجته في تلك الليلة.
شيمة الزوج

وبين الشهري أن الزوج (من نفسه وليس شرطا عليه) يقوم بإعطاء زوجته ما يقارب 15 ألف ريال، وذلك لتشتري به ذهبا ونحوه كما أنه يشتري لها ملابس وخلافه، وبعد أن يأخذ الزوج زوجته يقوم الزوج في اليوم التالي بإكرام أهل زوجته وقبيلته من نفسه وليس شرطا فيستأجر استراحة أو في نفس منزله إذا كان به حوش ويعزم قبيلته ويكرم من أكرمه وهذه من شيمة الزوج وليس شرطا نهائيا، وعن نظرة المجتمع لهذا المهر قال»أصبحنا نعاني من بعض التصريحات وبعض الانتقادات، وأصبح هناك بعض التذمر من أفراد القبيلة وقد اجتمعنا أكثر من مرة حتى يتم رفع المهر كبعض القبائل إلى أربعة آلاف ونحوها إلا أن كثيرين قالوا لو تغير لاختلفنا وألغيت هذه العادة التي ورثناها ونحن تقدمنا إلى إمارة منطقة عسير عندما كان الأمير خالد الفيصل أميرا لعسير وقد أيدنا وبارك هذا المهر وما زلنا حتى هذا اليوم على هذه العادة».
خط أحمر

وأضاف الشهري «إن الفتاة لا تخرج من بيت والدها إلا وهي معززة ومكرمة وقد أخذت ما تأخذه الفتاة في أية قبيلة أخرى حيث إن الزوج من نفسه دون شرط لا يرضى إلا أن يكرم زوجته فهو يكسوها الملابس ويشتري لها الذهب ويعطيها «فلوسا» فهي لا تخرج إلا وهي بكامل زينتها وهي في سعادة غامرة بحياتها الجديدة.» وعن مزاح الزوج بعد زواجه بريالين مع زوجته في مخاطبتها (أنا تزوجتك بريالين) قال «هذه الأمور خط أحمر قد يدفع ثمنها الزوج حيث قد يحصل صلح يكلف ما لا يتحمله من أجل رجوع الزوجة إلى بيتها أو لو تكررت فإنه يصل الوضع إلى الطلاق ومن ثم فلن يزوجه أي شخص من قبيلة (بني ثابت) نهائيا وعليه أن يخرج خارج القبيلة ويتزوج بالمهر المتعارف عليه لدى الناس والدولة أربعين ألف ريال».
وعن حالات الطلاق في القبيلة قال «إنني حديث عهد في عقد الأنكحة في القرية فأنا معهم منذ سنتين تقريبا وقد عملت إحصائية بسيطة حيث تزوج لدي خمسون شخصا كانت حالات الطلاق فيها ثلاث حالات فقط «.
أكثرهن بركة

وذكر المأذون الشرعي سابقاً الأكاديمي عبدالإله محمد المنصور المنسلح حول ما يفرضه بعض الآباء من مهر بسيط لابنته، وهل يجوز فعل ذلك في حين أن المهر من حق الفتاة؟ قائلا «يجوز للأب أن يفرض مهرا قليلا لابنته و لا يجوز لأي ولي غير الأب فعل ذلك، وفي المقابل يجب عليه تحمل نفقة مهر ابنته إن احتاجت إليها». وحول ما إذا مرت عليه مثل هذه الحالات وهل يتوقع لها النجاح» لقد مرت علينا مثل هذه الحالات ووجهة نظري أنها سنة المصطفى عليه الصلاة و السلام حيث إنه أنكح بناته على مهر أقل من مثيلاتهن وعلى ذلك عامة أهل العلم و من أسباب النجاح يسر المهر كما قال النبي صلى الله عليه و سلم «أكثرهن بركة أيسرهن مؤونة».
مجرد كلام

وقال المستشار الأسري الدكتور غازي الشمري «إن اشتراط مهر للمرأة قيمته ريالان فقط هو مجرد كلام فقط ، وذلك لكسب الزوج أو معرفتهم به أنه سوف يدفع لهم مبلغا أكبر، مشيراً إلى أن أقل قيمة تم تحديدها للقبائل السعودية بشكل عام هي أربعون ألف ريال.
وذكر الشمري رفضه إحدى المرات تسجيل قيمة المهر ريالين فقط، بالإضافة إلى رفضه تسجيل قيمة المهر مائتي ألف ريال، موضحا مطالبته بمهر المتبتلات الذي لا يقل عن خمسين ألفا ولا يزيد عن ثمانين ألف ريال.
بيت سعيد

وأوضح الشمري أن قلة المهر لا تقلل من قيمة الزوجة ولا تؤثر على الحياة الزوجية ولا تقلل من قيمتها، مبيناً أن في أيام الرسول صلي الله عليه وسلم كانت المرأة تتزوج بمبلغ قليل، وقال «إن المهر سواء كان قليلا أم كثيرا لا علاقة له بسعادتها، وفي النهاية الهدف هو بناء بيت مستقر سعيد، مضيفا أن الحياة الزوجية ليست مالا فكل هذه الأشياء لا قيمة لها عند توفيق الله بين الزوجين والعيش حياة زوجية سعيدة، وإن كانت حياتهم تعيسة ليس المهر والمال هو ما سيجلب لهم الاستقرار والحياة السعيدة، وذكر الشمري أن المهر من حق المرأة وذلك بإجماع العلماء على ذلك حيث يكون للمرأة متطلباتها وتجهيزاتها الخاصة قبل الزواج.