جدل نزع أجهزة المتوفين دماغيا يستمر والمفتي يتمسك بتوقف القلب
إخبارية الحفير : متابعات اتفق فقهاء وأطباء في حلقة علمية حول زراعة الأعضاء على أهمية تشكيل لجان مشتركة لبحث ما يتعلق بالموت الدماغي والقيام بزيارات ميدانية للمستشفيات والمراكز الطبية للاطلاع على واقع هذه النازلة والعناية برصد آخر المستجدات الطبية ودراسة أثر ذلك على الحكم الفقهي، فيما ألقى الأطباء المتخصصون مسؤولية جواز نزع الأجهزة الطبية من المتوفين دماغيا على أهل العلم من المشايخ والعلماء.
جاء ذلك في حلقة علمية نظمتها المديرية العامة للشؤون الصحية بالرياض أمس حول زراعة الأعضاء، أكد خلالها الأطباء العاملون في مجال زراعة الأعضاء على ضرورة أخذ آراء الأطباء المسلمين من الثقاة في هذه المسألة الشائكة.
وأكد مدير عام المركز الوطني لزراعة الأعضاء الدكتور فيصل شاهين في كلمته أن العناية بحالات المتوفين دماغيا كلفت المملكة نحو مليار ريال في العام الماضي في حين يحتاج نحو 2000 مريض سنويا لزرع كلى، و500 مريض لزرع كبد، إضافة إلى 200 مريض بحاجة إلى زراعة رئة، فضلا عن تزايد مرضى السكرى بنسبة تصل إلى 25% من عدد سكان المملكة ويمكن علاجهم نهائيا عن طريق زراعة البنكرياس إذا ما توافرت الأعضاء، وتساءل إذا كان لدى الأطباء قناعة كافية بأن الوفاة الدماغية هي الوفاة النهائية التي لا رجعة فيها وما هو رأي العلماء والفقهاء في ذلك؟.
وأضاف شاهين أن الوفاة الدماغية تعتبر ممرا لزرع الأعضاء، وأن حالات موت الدماغ تتعرض للعديد من المضاعفات التي تقلل من حجم الثقة في كفاءة أعضائهم الأخرى فضلا عن استمرار الحالات المتوفاة دماغيا لسنوات طويلة مما يتسبب في إهدار مبالغ طائلة، مدللا على ذلك بأن الدولة تكلفت العام الماضي نحو مليار ريال للعناية بما يقرب من 770 حالة موت دماغي بمتوسط المكوث 10 أيام في العناية المركزة، مشيرا إلى أن هذه المبالغ المالية الضخمة يمكن الاستفادة منها في إنشاء مستشفيات جديدة أو إنقاذ كثير من المرضى الذين يحتاجون إلى أسرة في أقسام العناية المركزة.
من جانبه، أكد مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ على مضمون قرار هيئة كبار العلماء وهو أن الموت الدماغي لا يُعد موتا إلا بتوقف القلب والتنفس، مبينا شمول تعاليم الإسلام لكافة المجالات ومنها المجال الصحي، وقال إن المسلم دائما متوكل على الله يرجو رحمته ويقول الخليل عليه السلام "وإذا مرضت فهو يشفين" وفي هذا دليل على تعلقه بربه مع الأخذ بالأسباب النافعة في طلب الشفاء.
وأشار إلى أن الأدلة على عناية الإسلام بالصحة في الجوانب الوقائية كثيرة، وكذلك فيما يتعلق بالعلاج والأخذ بأسباب الشفاء، والإفادة من كل علم لا يخالف مقاصد الشريعة والأحكام الفقهية الراسخة لتحقيق هذا الهدف.
واستعرض رئيس قسم الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور حسين العبيدي رأي الفقهاء في الحكم بموت إنسان حين يتوقف قلبه عن النبض أو يتوقف تنفسه وبناء على ذلك ذكر الفقهاء علامات تدل على الوفاة بعضها اجتهادي وبعضها يستند إلى أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، مشيرا إلى أن المتوفى دماغيا لا يزال قلبه ينبض كما لا يزال يتنفس، وأن مسألة موته نظرا لتعطل دماغه كليا، أم أنه لا يزال حيا نظرا لأن بعض أعضائه ما زالت حية أمر جدير بالبحث والدراسة.
وأكد أنه بالرغم من كل ما طرح من آراء طبية وفقهية لا يزال بعض الأطباء يرون أن المتوفى دماغيا هو ميت، بينما أطباء آخرون لا يرون ذلك، فضلا عن آراء الفقهاء بأنه لا يحكم بالوفاة الشرعية ما دام القلب ينبض والنفس يتردد، مشيرا إلى أن الموت ذكر في كتاب الله تعالى وفي سنة النبي ولم يذكر تحديد صريح ولكن بُينت العلامات الدالة على الوفاة في قولة تعالى "كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راقٍ"، وقوله "فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون" أي هل تستطيعون في مثل هذه الحالة حالة الاحتضار أن تحبسوا روحه عن الخروج أم أنكم لا تقدرون على ذلك.
وجاء في الحديث الصحيح (أن النبي صلى عليه وسلم) قال (إن الروح إذا قبضت تبعها البصر)، وهذا هو لب المشكلة التي نتحدث عنها الآن، أن شخصا له علاقة وله شبه بالأحياء نظرا لتنفسه ونبض قلبه وله شبه بالأموات في رأي الأطباء لتعطل وظائف دماغه تعطلا نهائيا، ومن ثم لا يمكن أن يعود للحياة.
وأضاف الدكتور العبيدي أن تقدم الطب وتطور التقنيات الطبية، خصوصا أجهزة الإنعاش لمن مات دماغه، أدى إلى ظهور تعريف جديد لهذه الحالات هو "موت الدماغ " ولم يكن ذلك معروفا قبل وجود واستخدام هذه الأجهزة الحديثة، ولكن لأن جسم هذا الإنسان الميت دماغيا ينمو وتنمو كذلك أظافره وشعره ويتبول كما يقول الأطباء وهو ما يجعل الحاجة ماسة إلى تحرير الأحكام الفقهية والشرعية في هذه المسألة.
وفي ذات السياق، اتفق العلماء والفقهاء والأطباء على تأكيد أن الخلاف الفقهي في حكم الموت الدماغي خلاف سائغ، ويسع الأخذ بأحد القولين، كما دعوا إلى تعميق البحث الطبي والفقهي في بدائل مقترحة لأخذ الأعضاء الحيوية، ومنها نقل أعضاء المحكومين بعقوبة القتل ونقل الأعضاء بعد الوفاة الحقيقية مباشرة واستنساخ الأعضاء. حضر أعمال الحلقة كل من سماحة مفتي عام المملكة والمستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح بن حميد والمستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله بن منيع ومدير عام صحة الرياض الدكتور عدنان العبدالكريم وعدد من الفقهاء والأطباء استشاريي المخ والأعصاب والطوارئ والعناية المركزة وعدد من أعضاء اللجنة الاستشارية الشرعية الطبية بالافتاء والجمعية السعودية للدراسات الطبية الفقهية والجمعية السعودية الفقهية.
جاء ذلك في حلقة علمية نظمتها المديرية العامة للشؤون الصحية بالرياض أمس حول زراعة الأعضاء، أكد خلالها الأطباء العاملون في مجال زراعة الأعضاء على ضرورة أخذ آراء الأطباء المسلمين من الثقاة في هذه المسألة الشائكة.
وأكد مدير عام المركز الوطني لزراعة الأعضاء الدكتور فيصل شاهين في كلمته أن العناية بحالات المتوفين دماغيا كلفت المملكة نحو مليار ريال في العام الماضي في حين يحتاج نحو 2000 مريض سنويا لزرع كلى، و500 مريض لزرع كبد، إضافة إلى 200 مريض بحاجة إلى زراعة رئة، فضلا عن تزايد مرضى السكرى بنسبة تصل إلى 25% من عدد سكان المملكة ويمكن علاجهم نهائيا عن طريق زراعة البنكرياس إذا ما توافرت الأعضاء، وتساءل إذا كان لدى الأطباء قناعة كافية بأن الوفاة الدماغية هي الوفاة النهائية التي لا رجعة فيها وما هو رأي العلماء والفقهاء في ذلك؟.
وأضاف شاهين أن الوفاة الدماغية تعتبر ممرا لزرع الأعضاء، وأن حالات موت الدماغ تتعرض للعديد من المضاعفات التي تقلل من حجم الثقة في كفاءة أعضائهم الأخرى فضلا عن استمرار الحالات المتوفاة دماغيا لسنوات طويلة مما يتسبب في إهدار مبالغ طائلة، مدللا على ذلك بأن الدولة تكلفت العام الماضي نحو مليار ريال للعناية بما يقرب من 770 حالة موت دماغي بمتوسط المكوث 10 أيام في العناية المركزة، مشيرا إلى أن هذه المبالغ المالية الضخمة يمكن الاستفادة منها في إنشاء مستشفيات جديدة أو إنقاذ كثير من المرضى الذين يحتاجون إلى أسرة في أقسام العناية المركزة.
من جانبه، أكد مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ على مضمون قرار هيئة كبار العلماء وهو أن الموت الدماغي لا يُعد موتا إلا بتوقف القلب والتنفس، مبينا شمول تعاليم الإسلام لكافة المجالات ومنها المجال الصحي، وقال إن المسلم دائما متوكل على الله يرجو رحمته ويقول الخليل عليه السلام "وإذا مرضت فهو يشفين" وفي هذا دليل على تعلقه بربه مع الأخذ بالأسباب النافعة في طلب الشفاء.
وأشار إلى أن الأدلة على عناية الإسلام بالصحة في الجوانب الوقائية كثيرة، وكذلك فيما يتعلق بالعلاج والأخذ بأسباب الشفاء، والإفادة من كل علم لا يخالف مقاصد الشريعة والأحكام الفقهية الراسخة لتحقيق هذا الهدف.
واستعرض رئيس قسم الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور حسين العبيدي رأي الفقهاء في الحكم بموت إنسان حين يتوقف قلبه عن النبض أو يتوقف تنفسه وبناء على ذلك ذكر الفقهاء علامات تدل على الوفاة بعضها اجتهادي وبعضها يستند إلى أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، مشيرا إلى أن المتوفى دماغيا لا يزال قلبه ينبض كما لا يزال يتنفس، وأن مسألة موته نظرا لتعطل دماغه كليا، أم أنه لا يزال حيا نظرا لأن بعض أعضائه ما زالت حية أمر جدير بالبحث والدراسة.
وأكد أنه بالرغم من كل ما طرح من آراء طبية وفقهية لا يزال بعض الأطباء يرون أن المتوفى دماغيا هو ميت، بينما أطباء آخرون لا يرون ذلك، فضلا عن آراء الفقهاء بأنه لا يحكم بالوفاة الشرعية ما دام القلب ينبض والنفس يتردد، مشيرا إلى أن الموت ذكر في كتاب الله تعالى وفي سنة النبي ولم يذكر تحديد صريح ولكن بُينت العلامات الدالة على الوفاة في قولة تعالى "كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راقٍ"، وقوله "فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون" أي هل تستطيعون في مثل هذه الحالة حالة الاحتضار أن تحبسوا روحه عن الخروج أم أنكم لا تقدرون على ذلك.
وجاء في الحديث الصحيح (أن النبي صلى عليه وسلم) قال (إن الروح إذا قبضت تبعها البصر)، وهذا هو لب المشكلة التي نتحدث عنها الآن، أن شخصا له علاقة وله شبه بالأحياء نظرا لتنفسه ونبض قلبه وله شبه بالأموات في رأي الأطباء لتعطل وظائف دماغه تعطلا نهائيا، ومن ثم لا يمكن أن يعود للحياة.
وأضاف الدكتور العبيدي أن تقدم الطب وتطور التقنيات الطبية، خصوصا أجهزة الإنعاش لمن مات دماغه، أدى إلى ظهور تعريف جديد لهذه الحالات هو "موت الدماغ " ولم يكن ذلك معروفا قبل وجود واستخدام هذه الأجهزة الحديثة، ولكن لأن جسم هذا الإنسان الميت دماغيا ينمو وتنمو كذلك أظافره وشعره ويتبول كما يقول الأطباء وهو ما يجعل الحاجة ماسة إلى تحرير الأحكام الفقهية والشرعية في هذه المسألة.
وفي ذات السياق، اتفق العلماء والفقهاء والأطباء على تأكيد أن الخلاف الفقهي في حكم الموت الدماغي خلاف سائغ، ويسع الأخذ بأحد القولين، كما دعوا إلى تعميق البحث الطبي والفقهي في بدائل مقترحة لأخذ الأعضاء الحيوية، ومنها نقل أعضاء المحكومين بعقوبة القتل ونقل الأعضاء بعد الوفاة الحقيقية مباشرة واستنساخ الأعضاء. حضر أعمال الحلقة كل من سماحة مفتي عام المملكة والمستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح بن حميد والمستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله بن منيع ومدير عام صحة الرياض الدكتور عدنان العبدالكريم وعدد من الفقهاء والأطباء استشاريي المخ والأعصاب والطوارئ والعناية المركزة وعدد من أعضاء اللجنة الاستشارية الشرعية الطبية بالافتاء والجمعية السعودية للدراسات الطبية الفقهية والجمعية السعودية الفقهية.