• ×
الجمعة 20 جمادى الأول 1446

الدبلوماسية السعودية تحدد أُطر العلاقة وتتخذ الإجراءات السريعة ضد كل من يتجاوزها

المملكة ترفض المساس بشؤونها الداخلية من أي جهة خارجية.. وألمانيا خير شاهد

المملكة ترفض المساس بشؤونها الداخلية من أي جهة خارجية.. وألمانيا خير شاهد
بواسطة سلامة عايد 16-01-1440 07:49 صباحاً 247 زيارات
اخبارية الحفير إذا كان الاعتذار الذي تقدمت به وزارة الخارجية الألمانية إلى المملكة العربية السعودية أمس الثلاثاء، بشأن سوء الفهم الذي وقع بين البلدين خلال الأشهر الأخيرة، يعكس نجاح دبلوماسية الرياض في تعزيز ثوابت السعودية فيما يخص العلاقات الخارجية، فهو يؤكد من جانب آخر حقيقة مهمة، هي أن الرياض لا يمكن أن تقبل بالمساس بها أو بشعبها من أي جهة خارجية، كائنًا من كانت.

وتفصيلاً، قالت الخارجية الألمانية في بيان صادر عن وزيرها إنه كان يجب عليها أن تكون أكثر وضوحًا في تواصلها مع الجانب السعودي من أجل تجنب سوء فهم كهذا. مؤكدة رغبة برلين القوية في التعاون بشكل وثيق مع السعودية لتجاوز سوء الفهم بين البلدين، وتكثيف الحوارات بين الجانبين حول مواضيع عدة ومختلفة. مشيدة بالدور بالغ الأهمية الذي تلعبه السعودية من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.

ودأبت السعودية منذ تأسيسها قبل 88 عامًا على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن ـ طيب الله ثراه ـ على وضع آلية تنظم بها علاقاتها مع الدول الصديقة والشقيقة على حد سواء. وتعتمد هذه الآلية على مبدأ لا تحيد عنه، هو احترام جميع الدول بلا استثناء، وعدم التدخل في شأنها الداخلي مهما كانت الظروف والأحوال، وفي الوقت نفسه لا تقبل الرياض بأن يتدخل أحد في شأنها الداخلي. وسرعان ما تتخذ السعودية مواقف وإجراءات حازمة وصارمة في حال شعرت بأن هناك تدخلاً في سياستها الداخلية، كما حدث أخيرًا مع كندا.

وقد أسفر اتباع هذه الآلية على مدى عقود مضت عن علاقات نموذجية وطيدة وقوية، تربط الرياض مع عواصم دول العالم في أجواء صحية، تعمل على استدامة هذه العلاقات وتناميها.

في التو واللحظة

ترتبط السعودية بعلاقات سياسية وعسكرية واقتصادية قديمة مع ألمانيا، ولم تمنع متانة هذه العلاقات الرياض من أن تتخذ في التو واللحظة مواقف صارمة بحق برلين؛ لأنها تجاوزت حدود العلاقة التي وضعتها السعودية، وهو ما يشير إلى أن حكومة الرياض لا تفرق بين دولة وأخرى إذا كان الأمر يتعلق بمكانة السعودية وهيبتها وسمعتها بوصفها دولة محورية في منطقة الشرق الأوسط والعالم، وهو الدرس الذي استوعبته ألمانيا سريعًا، وعلى ضوئه سارعت إلى تقديم الاعتذار إلى حكومة السعودية، بل إنها أكدت حرصها القوي على محو أي سوء تفاهم بين البلدين سريعًا بما يضمن تعزيز العلاقات بينهما بشكل أكبر من ذي قبل.

توازن العلاقات

لعل ما يقوي حجة الجانب السعودي في أي خلافات تنشأ بينه وبين الدول الأخرى هو حرص السعودية على أن يكون هناك توازن في سياساتها الخارجية مع تلك الدول، وعدم الميل إلى دولة ما أكثر من الأخرى، والتعامل معها جميعها من منطلق المصالح المشتركة، وتعزيز الاستفادة المتبادلة بينهما بالقدر الذي لا يمكِّن أيًّا من تلك الدول من استغلال العلاقات في الضغط على السعودية. ويبعث ذلك برسالة إلى الجميع بأن السعودية لا ترضخ لأي جهة مهما كان حجمها أو ثقلها، وأن أي دولة تظن أنها صاحبة كلمة مسموعة، ولها تأثير على غيرها من الدول، فهي مخطئة وواهمة إذا اتبعت هذا الأمر أمام المملكة العربية السعودية.

وحملت صياغة بيان الخارجية الألمانية الكثير من الاحترام والتقدير للسعودية وشعبها، وأكد البيان رغبة ألمانيا في تطوير العلاقات مع الرياض على المستويات كافة؛ وهو ما يعكس مكانة كبيرة تتمتع بها السعودية أمام الدول العظمى من العالم الأول والعالم الثاني، التي تدرك ثقل الرياض، ودورها المحوري بوصفها دولة رئيسية في إنتاج الطاقة في العالم، وعضوًا في مجموعة العشرين، فضلاً عن ثقلها السياسي والديني والاجتماعي، وموقعها الاستراتيجي كبوابة غربية لقارة آسيا، وقربها من قارتَي إفريقيا وأوروبا، وإطلالتها على مياه الخليج العربي والبحر الأحمر.