• ×
الجمعة 20 جمادى الأول 1446

رغبة القيادة الأكيدة لترسيخ علاقات البلدين تنعكس على النفط والاستثمارات والسياحة والترفيه

من أول طائرة إلى معبر الحياة.. السعوديون والعراقيون يرسمون "لوحة الانفتاح الاقتصادي"

من أول طائرة إلى معبر الحياة.. السعوديون والعراقيون يرسمون "لوحة الانفتاح الاقتصادي"
بواسطة سلامة عايد 03-02-1439 11:10 صباحاً 271 زيارات
اخباريه الحفير رغم العلاقات الطيبة التي تربط المملكة بالعديد من دول العالم الصديقة والشقيقة، وانعكاساتها الإيجابية على الاقتصاد السعودي، إلا أن العلاقات الاقتصادية بين المملكة ودولة العراق تبقى ذات تأثير أقوى وأعظم على اقتصاد البلدين "أولاً"، ومنطقة الشرق الأوسط "ثانياً"، خاصة إذا وصلت هذه العلاقات إلى قمّتها، ويساعد على ذلك أواصر القربى بين البلدين الجارين، والمصير المشترك الذي يربط بينهما منذ القدم، فضلاً عن إيمان الشعبين الشقيقين السعودي والعراقي بأن قوة اقتصاد المنطقة وازدهارها استثمارياً يستلزم ترسيخ العلاقات بين الرياض وبغداد، ونمو تعاونهما إلى أقصى مدى ممكن.

المسارات المشتركة

ويحتفظ تاريخ المملكة والعراق بصفحات مضيئة، لنمو العلاقات الاقتصادية بينهما في فترة سابقة، وأثمرت هذه العلاقات عن انتعاش ملحوظ للعديد من القطاعات الاقتصادية في البلدين، بشكل عزز من ترابطهما وتلاحمهما عبر التاريخ؛ حيث يمتلك الشعبان، اليوم، الرغبة الحقيقية والعزيمة والإرادة في إعادة الوهج إلى هذه العلاقات، والوصول بها إلى أعلى المراتب، من خلال إيجاد مسارات مشتركة، يلتقون فيها؛ بهدف الارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطنين بين البلدين.

الرغبة و"العبادي"

وتؤكد المؤشرات أن القيادتين السياسيتين في البلدين لديهما الرغبة الأكيدة، المنبثقة من مطالب شعبيهما، في إصلاح ما أفسدته السياسة خلال السنوات الماضية، ومن هنا جاءت زيارة رئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي، على رأس وفد رفيع، يضم أكثر من 10 وزراء ومسؤولين ومستشارين في الحكومة العراقية، إلى المملكة؛ وذلك لحضور مراسم توقيع اتفاقية مجلس "التنسيق السعودي- العراقي".

احتفاء بأول طائرة

وقد أسفرت العلاقات الطيبة بين البلدين في الفترة الأخيرة، عن هبوط أول طائرة للخطوط السعودية في بغداد، وفيها أكثر من 200 سعودي من رجال الأعمال والمسؤولين، قوبلوا بفرحة عارمة من المسؤولين العراقيين، حيث خصصوا لهم أكبر مساحة في معرض بغداد الدولي، وضمّت أجندة برنامج المجلس التنسيقي السعودي- العراقي عدة برامج وفعاليات على مدار يومين، تحتضنها العاصمة الرياض، إلى جانب فعاليات ثقافية، بينما يتضمّن البرنامج اجتماعاً لمجلس التنسيق.

تفعيل قطاع السياحة

ويمكن القول إن عودة حركة الطيران بين البلدين، تمهد الطريق لاستثمارات سياحية ضخمة في البلدين، خاصة بعد إعلان المملكة لرؤيتها 2030، التي تتضمن العديد من مشاريع السياحة والترفيه، وأعلنت الرؤية أنها قررت فتح المجال أمام الاستثمارات الأجنبية، لضخ أمواله في هذا القطاع، ومن هنا ينتظر أن يتجه رجال أعمال عراقيون للاستثمار في مشاريع الرؤية، ويقابل ذلك، توجه رجال أعمال سعوديين صوب العراق للاستثمار فيه.

لماذا المجلس التنسيقي؟

ويهدف اتفاق البلدين على إنشاء مجلس تنسيقي إلى الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى المستوى الاستراتيجي والمأمول منه، إضافة إلى فتح آفاق جديدة من التعاون في مختلف المجالات، بما في ذلك السياسية والأمنية والاقتصادية والتنموية والتجارية والاستثمارية والسياحية والثقافية، ومن المقرر أن يعمل المجلس على تنشيط الشراكة بين القطاع الخاص في البلدين، ومتابعة تنفيذ ما يتم إبرامه من اتفاقات ومذكرات تفاهم؛ لتحقيق الأهداف المشتركة، كما يهتم المجلس بتطوير التعاون في المجالات الاقتصادية والتنموية والأمنية والاستثمارية والسياحية والثقافية والإعلامية وغيرها.

المعبر وإعادة الحياة

وأعلن مسؤولون في البلدين في منتصف أغسطس الماضي أنهم اتفقوا على إعادة الحياة إلى المعبر البري بين السعودية والعراق، بعد انقطاع استمر لأكثر من 27 عاماً، ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية تصريحات للقائم بأعمال السفارة السعودية لدى العراق عبدالعزيز الشمري أكد فيها الاتفاق على الكثير من الاستثمارات والمشاريع التي تخدم البلدين، وتم توقيع مذكرة تفاهم بشأن النقل الجوي بينهما، وأضاف أنه "مع بداية تفعيل المعبر سيتم تطوير المنفذين بما يخدم الحركة التجارية وحركة المسافرين".

النفط وثمار التقارب

وتتوالى ثمار التقارب الاقتصادي بين السعودية والعراق، ولعل أينع هذه الثمار، ذاك الارتياح من البلدين على الإجراءات الداعمة لقطاع النفط، لتعزيز أسعاره في الأسواق العالمية، وهو ما يصب في صالح الدولتين، باعتبارهما منتجتين للنفط ومصدّرتين له، ومن هنا، عبّرت الدولتان عن سعادتهما لتوجيه سوق النفط العالمية صوب التعافي؛ نتيجة لاتفاق على رفع الأسعار عن طريق خفض الإنتاج، ويبشر هذا الارتياح بمزيد من التعاون والتنسيق بين الرياض وبغداد مستقبلاً، في اتخاذ إجراءات أكثر صرامة في أسواق النفط، تحدّ من عمليات الإنتاج، لرفع الأسعار إلى المستوى المطلوب.

نموّ التبادل التجاري

من جانب آخر، تدرك الدولتان أن حجم التبادل التجاري بينهما، والذي بلغ 23 ملياراً خلال السنوات العشر الماضية، لا يترجم قوة العلاقات التي يفترض أن تكون عليها المملكة والعراق، ومن هنا، قرر الجانبان تعزيز العلاقات بينهما بشكل أفضل من ذي قبل، والوصول إلى تفاهمات، ترسخ التكامل بينهما في جميع المجالات بلا استثناء، وهو ما سوف ينعكس على حجم التبادل التجاري بينهما إلى المستوى المأمول، وسيعزز فتح المنفذ البري بين البلدين الطريق أمام الصادرات والواردات في الاتجاهين، فضلاً عن تكثيف حركة الطيران بتسيير رحلات مباشرة عبر أكثر من ناقل بين البلدين الشقيقين، إضافة إلى تشجيع تبادل الخبرات الفنية والتقنية بين الجهات المعنية من خلال نقل وتشجيع التقنية، والتعاون في مجال البحث العلمي وتبادل الزيارات والمشاركة في البرامج التدريبية.

حوافز الاستثمار

وستلعب الحوافز الاستثمارية، التي توفرها المملكة، دورها المحوري في تفعيل العلاقات الاستثمارية بين رجال أعمال البلدين، ومنها السماح بالملكية الكاملة للشركات الأجنبية، والتي تنطلق من رؤية المملكة 2030، الأمر الذي يفتح آفاقاً جديدة من التعاون مع الجانب العراقي، وتنمية الشراكة بين القطاع الخاص في البلدين، وإتاحة الفرصة لرجال الأعمال للتعرف على الفرص التجارية والاستثمارية، وتبني الوسائل الفعالة التي تساهم في مساعدتهم على استغلالها.