321 نادياً لخدمة المبتعثين.. و36 فقط لطلاب 5 جامعات سعودية
إخبارية الحفير - متابعات: تشكل النوادي الطلابية السعودية في الخارج حالة مختلفة تماماً عنها في الجامعات السعودية، ليس فقط من حيث الأهداف، التي قد تتقارب أو تتباعد، وإنما أيضاً من حيث آليات الإنشاء والإدارة والإنجاز والمحاسبة وغيرها من الجوانب. ويبدو الفرق شاسعاً بين نوادي الخارج التي أسسها الطلاب بأنفسهم وأداروها ووضعوا برامجها، وبين النوادي في الداخل التي أسستها إدارات الجامعات وأسندت إداراتها إلى أعضاء في هيئات التدريس أو قيادات جامعية ولا يملك الطلاب فيها سوى الوجود الشرفي. ولا شك أن هذا التباعد الكبير في منهجية عمل النوادي الطلابية جعل هناك تبايناً كبيراً في نتائجها ومدى إقبال الطلاب عليها، ومدى فعاليتها في خدمة الطلاب، بل أثر على خدماتها لهم.
إحصائيات واجتهادات
ولا توجد إحصائيات محددة لدى وزارة التعليم العالي بشأن النوادي الطلابية، لا في الخارج ولا الداخل، ما يجعل المتتبع لها حائراً، إلا إذا أتيحت له الفرصة لتقصي أوضاعها من خلال زيارة مواقع الملحقيات الثقافية الـ 77 التي لا تتيح معظمها أي معلومات عن النوادي الطلابية. لكن تقديرات «اجتهادية» توصلت إلى بعض الأرقام بخصوص النوادي الطلابية السعودية في بعض الدول، التي توجد بها كثافة من المبتعثين السعوديين، بخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمملكة المتحدة وأيرلندا وأستراليا، لكل منها مجلس إدارة وخطة عمل سنوية وتباشر أنشطة ثقافية دورية تحت إشراف الملحقية الثقافية في كل من تلك البلدان. فقد قدرت بعض المصادر عدد الأندية الطلابية السعودية في الجامعات الأمريكية بنحو 256 نادياً. ويوجد في المملكة المتحدة وأيرلندا 45 نادياً للمبتعثين السعوديين، بينما يوجد في استراليا 12 نادياً للطلاب السعوديين، أما في كندا فثمة ثمانية أندية أساسية للمبتعثين السعوديين. ولم تفصح ملحقيات كثيرة عن أوضاع نوادي الطلاب بها لأسباب غير معروفة.
ويمكن ملاحظة كثافة الأندية الطلابية السعودية في أمريكا من واقع كونها الوجهة الأكثر جذباً للمبتعثين السعوديين، الذين يبلغ عددهم فيها 99 ألفاً و924 مبتعثاً يمثلون 50.8% من إجمالي المبتعثين في الخارج والبالغ عددهم وفقاً لإحصائيات وزارة التعليم العالي عن الدارسين في الخارج للعام الدراسي 1433/1432هـ حوالي 195964 مبتعثاً. أما المملكة المتحدة وأيرلنداً، فهي تمثل الوجهة الثانية الأكبر للمبتعثين السعوديين بواقع 24 ألفاً و703 مبتعثين يمثلون ما نسبته 12.6% من إجمالي المبتعثين. فيما تحتل كندا المركز الثالث من حيث الدول الأكثر جذباً للمبتعثين السعوديين بواقع 18 ألفاً و924 مبتعثاً يمثلون ما نسبته 9.6% من إجمالي المبتعثين، فيما يصل عددهم في أستراليا إلى 14 ألفاً وخمسين مبتعثاً يمثلون ما نسبته 7.1% من إجمالي المبتعثين. وبذلك تجمع هذه الجهات الأربع نحو 80.1% من إجمالي المبتعثين ويصل عدد نواديهم فيها 321 نادياً.
نبذة تاريخية
وتأسست الأندية الطلابية السعودية في الخارج على مبدأ العمل التطوعي بين أعضائها لرعاية المبتعثين والمبتعثات ومرافقيهم. وتحكم هذه الأندية لوائح تم اعتمادها من قبل السفارات والملحقيات الثقافية السعودية في الخارج. وتمتاز الأندية السعودية في الخارج بصفة عامة بتوفيرها الجهد والوقت على مشتركيها، ويحق لكل مواطن خليجي وليس سعودياً فقط الالتحاق بالنادي بالتواصل المباشر مع رئيسه. ولكل نادٍ وسائل للتواصل مع المسؤولين عنه، فبعضها له موقع على الإنترنت وبعضها يكتفي ببريد إلكتروني أو صفحة على فيسبوك أو حساب على تويتر. وثمة لوائح صدرت بالفعل لهذه الأندية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأيرلندا وأستراليا.
وتشير الإحصائيات إلى أن تلك النوادي بدأت رحلتها في عام 1985 ووصلت إلى ما وصلت إليه الآن بعد جهد تراكمي، حافظ المبتعثون على بقائه وتنميته مستفيدين من الأجواء التي تعم البيئة الجامعية في الخارج.
وبالإضافة إلى كونها مواقع وصفحات للتواصل الاجتماعي وتبادل الأفكار والمعلومات حول الأنشطة المختلفة، التي يمارسها المبتعثون تبقيهم على اتصال بعضهم ببعض، فإنها تتيح لهم أيضاً الاطلاع على أحدث المستجدات في الوطن وما يصدر من بيانات أو قرارات تهمهم. وتقر اللوائح التنظيمية لتلك الأندية بأنها ليست لها أية ميول أو اتجاهات أو ارتباطات أو أهداف سياسية ولا تتعارض أنشطتها وما تقدمه مع أحكام الشريعة الإسلامية وسياسة المملكة وما تنص عليه لوائح وأنظمة الجامعات المتعلقة بمنظماتها الطلابية وما يصدره مجلس إدارة الأندية من قرارات وتوجيهات وما تضمنته هذه اللائحة.
أجواء أفضل للنوادي الخارجية
والمتأمل لأوضاع تلك النوادي سيجد أن النوادي الخارجية حظيت بأجواء أفضل من وجهة نظر الطلاب، الذين كان همهم في الخارج تأسيس روابط أو نوادٍ تجمعهم وتربط بينهم بما يحافظ على الهوية الوطنية، ويبقيهم على تواصل مع الوطن والتقاليد والأخلاقيات التي يحرصون على حمايتها في غربتهم. وبينما توجد لوائح وأنظمة يحتكم إليها في تأسيس وإدارة هذه الأندية في الخارج، وتشرف الملحقيات الثقافية على متابعة تنفيذها وتتحقق من تحقيق الأندية لأهدافها، وتراقب أداءها، نجدها في الداخل تتأسس تلقائياً بمعرفة إدارة الجامعة ويخصص لإدارتها مسؤولون بها، دون حاجة إلى لوائح تنظم شؤونها، بل مجرد تعليمات متفق عليها. الأمر الذي جعل النوادي الخارجية أشبه بمراكز خدمية متعددة الأطراف تتفاعل فيما بينها لخدمة المستفيدين منها، في حين أضفى على الداخلية صفة لجان النشاط الطلابية التقليدية التي يسير التفاعل فيها في اتجاه خطي، من خلال طرح فعاليات من قبل إداراتها وقبول مشاركات من قبل الطلاب.
بين الداخل والخارج
وثمة تباين شاسع، أو ربما لا وجه للمقارنة بين واقع الأندية الطلابية السعودية في الخارج، وواقعها في الداخل. فالجامعات السعودية (ووزارة التعليم العالي بالضرورة) لا تتيح أي معلومات عن النوادي الطلابية فيها إلا فيما ندر. وحين تذكرها فإنها تتطرق إليها من باب «النشاط الطلابي»، لكن الأندية فيها لا يديرها الطلاب ولا يتحكمون في برامجها، وتخضع مباشرة لإدارات الجامعات كإحدى وحداتها الإدارية، فيما تشرف عليها في الخارج الملحقيات الثقافية، بينما يدير أندية الخارج المبتعثون.
وقد لا يكون عدد تلك النوادي الداخلية قليلاً، لكن المتاح من معلومات عنها يوحي بذلك. ففي جامعة الملك عبدالعزيز مثلاً يوجد 14 نادياً طلابياً، وثمة ثلاث نوادٍ رئيسة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وأربعة نوادٍ في جامعة الملك سعود، ويوجد في جامعة المجمعة ستة نوادٍ، كما يوجد نحو تسعة نوادٍ طلابية في جامعة الملك فيصل.
ففي أستراليا على سبيل المثال، فإن حق الترشح لرئاسة النادي ورئاسة وحداته الأخرى مكفول في النظام الأساسي لأندية الطلبة لكل الأعضاء المنتظمين في النادي، بشرط أن يكون المتقدم عضواً منتظماً مستوفياً كل شروط الترشح، وأن تتم الموافقة على طلبه من الجهات المختصة في الملحقية.
ومؤخراً، وبعد خلافات ثارت حول المرجعية الإدارية لتلك الأندية، اعتمدت الملحقية الثقافية في المملكة المتحدة وأيرلندا نموذجاً موحداً للتسجيل من قبل المبتعثين في جميع الأندية العاملة في نطاقها عبر صفحة مخصصة لذلك على موقع وزارة التعليم العالي، رغبة منها لتنظيم العمل والتواصل مع الأندية الطلابية للدورة الثالثة والثلاثين. ودعت في سبيل ذلك جميع رؤساء الأندية وأعضاء هيئاتها الإدارية إلى تعميم ذلك النموذج على جميع الطلاب والطالبات المبتعثين للتسجيل. وتجمع الأندية في المملكة المتحدة وأيرلندا إدارة مركزية تضم رئيساً ونائبين ومنسقين للأنشطة والمراكز التعليمية والنواحي المالية.
اختلاف في الأهداف
وحددت اللائحة التنظيمية للأندية أهدافاً لتلك الأندية، منها تنظيم ورعاية الأنشطة الاجتماعية والتربوية والثقافية والدينية والرياضية للمبتعثين السعوديين وعائلاتهم، والتعريف بشتى الجوانب الحضارية للمملكة، وتوثيق أواصر العلاقات بين المبتعثين السعوديين، وإنشاء مدارس لأولاد المبتعثين تقوم بتدريس المناهج وفق المقرر السعودي، فيما يؤمّن المكتب الثقافي الكتب الدراسية ويصادق على الشهادات التي تصدرها تلك المدارس. ويحق لعضو النادي المشاركة في أنشطته والاقتراع والتصويت في الانتخابات والاعتراض على ممارسات رئيس النادي أو أي من أعضاء هيئته الإدارية والمطالبة بسحب الثقة منهم فضلاً عن الحقوق المتعلقة بالأبناء.
أما في الجامعات السعودية، فتبدو مهمة النوادي مختلفة عنها في الخارج، فهي في الداخل تهدف إلى صقل شخصية الطالبة الجامعية وإبراز مواهبها المختلفة، وقضاء أوقات الفراغ في برامج هادفة ومفيدة، وتهيئة الطالبة الجامعية لمواجهة أعباء الحياة بعد تخرجها، وإقامة النشاطات التي تبرز جهود أعضاء النادي في المجالات التي يتميزون فيها، وتوثيق الإنتاج الطلابي وإنشاء قاعدة بيانات للمواهب الطلابية في مختلف المجالات. كما يحيط نوادي الداخل نوع من الغموض بشأن آليات عملها واختيار إدارتها.
آليات الإدارة
ويتم اختيار رئيس وأعضاء الهيئة الإدارية للنادي الطلابي في الخارج بالانتخاب، سواء بالقائمة أو الانتخاب الفردي، كما يتم التصويت على كل مرشح لمنصب إداري بشكل فردي، فيما يختار الطلاب المبتعثون رئيسهم وهيئتهم الإدارية وهم مَنْ يؤسسون ناديهم بأنفسهم. في حين تختار لجنة مخصصة يرأسها عميد شؤون الطلاب، المشرف على النادي الداخلي فضلاً عن منسقي النشاط ولا ذكر أبداً لمسألة الانتخابات في تلك الاختيارات. واللجنة هي نفسها، التي تجيز الميزانيات والأنشطة والمطبوعات وأي مهام أخرى. ويلف هذه النوادي شيء من الغموض، حيث لا تعمل معظم الروابط المتعلقة بضوابط إنشائها وآليات إدارتها وكيفية اختيار أعضائها كما لا يتاح كثير عن طبيعة نشاطها.
لمَنْ الكلمة العليا؟
وتكشف جامعة الملك سعود عن ضوابط إنشاء أندية النشاط الطلابية، فتقول تتم حسب الحاجة، وحسب مرئيات عمادة شؤون الطلاب بقرار من صاحب الصلاحية. ما يعني أن رغبة الطلاب في إنشاء أي نادٍ غير مطلوبة، أو هكذا يفهم من تلك العبارة. وتشير الضوابط إلى أن الجهة التي ترغب في إنشاء نادي نشاط طلابي تتقدم لعميد شؤون الطلاب بخطة وتصور متكامل عن النادي المقترح وأهدافه ومجالات نشاطه. ويجب ألا يقل أعضاء النادي المقترح في مرحلة التأسيس عن ثلاثين طالباً وطالبة، يتم تقديم بياناتهم لعميد شؤون الطلاب. ويجوز أن يضم النادي أي عددٍ من الطلاب أو الطالبات من المنتظمين في الجامعة بشرط ألا تقل العضوية في أي وقت من الأوقات عن عدد المؤسسين.
وتقوم عمادة شؤون الطلاب بإصدار قواعد تنفيذية لعمل أندية النشاط الطلابي بناءً على هذه الضوابط. ويلتزم النادي بالضوابط العامة للنشاط غير الصفي في الجامعة وأي ضوابط يتم تبليغها للجامعة رسمياً. ويجوز وفقاً لتلك الضوابط، التعاون مع الجهات ذات العلاقة في تنفيذ البرامج ذات الصبغة المشتركة. ولعمادة شؤون الطلاب تعديل وتفسير هذه الضوابط. كما يجوز تعطيل نشاط النادي إذا لم يحقق النادي أهدافه.
دعوة للمراجعة
** وقد تبدو الفرصة الآن سانحة لإعادة طرح أوضاع النوادي الطلابية في الجامعات السعودية للنقاش، حتى لا تحدث فجوة في التفكير بين خريجي تلك الجامعات والمبتعثين، أو صدمة حضارية بين المبتعثين، الذين ينشأون في أجواء تختلف عن تلك التي يعيشون فيها لاحقاً. وربما أسهم ذلك في احتواء ما ينشأ من إشكاليات قبل وبعد الابتعاث ظهرت انعكاساتها في أزمة النوادي الطلابية في المملكة المتحدة وأيرلندا، التي حدثت في الشهور القليلة الماضية، حين حدثت المواجهة بين فكر طلابي يميل إلى إدارة تلك النوادي بصورة مستقلة عن الملحقيات، التي تجسدت في تقدم الهيئة الإدارية العامة لأندية الطلبة السعوديين في المملكة المتحدة وأيرلندا في دورتها 32 باستقالتها بكامل أعضائها لما تمليه عليها مسؤوليتها الأخلاقية تجاه الطلاب المبتعثين في شهر يوليو الماضي، وتسليم جميع مسؤولياتها ومهامها للملحقية الثقافية، ممثلة في قسم الأندية، بسبب «عقبات واكبت مسيرة الدورة»، مشيرة إلى ضغوط تمارسها الملحقية عليها في الوقت، الذي تعد الهيئة الجهة المعتمدة لتولي شؤون تلك النوادي.
إحصائيات واجتهادات
ولا توجد إحصائيات محددة لدى وزارة التعليم العالي بشأن النوادي الطلابية، لا في الخارج ولا الداخل، ما يجعل المتتبع لها حائراً، إلا إذا أتيحت له الفرصة لتقصي أوضاعها من خلال زيارة مواقع الملحقيات الثقافية الـ 77 التي لا تتيح معظمها أي معلومات عن النوادي الطلابية. لكن تقديرات «اجتهادية» توصلت إلى بعض الأرقام بخصوص النوادي الطلابية السعودية في بعض الدول، التي توجد بها كثافة من المبتعثين السعوديين، بخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمملكة المتحدة وأيرلندا وأستراليا، لكل منها مجلس إدارة وخطة عمل سنوية وتباشر أنشطة ثقافية دورية تحت إشراف الملحقية الثقافية في كل من تلك البلدان. فقد قدرت بعض المصادر عدد الأندية الطلابية السعودية في الجامعات الأمريكية بنحو 256 نادياً. ويوجد في المملكة المتحدة وأيرلندا 45 نادياً للمبتعثين السعوديين، بينما يوجد في استراليا 12 نادياً للطلاب السعوديين، أما في كندا فثمة ثمانية أندية أساسية للمبتعثين السعوديين. ولم تفصح ملحقيات كثيرة عن أوضاع نوادي الطلاب بها لأسباب غير معروفة.
ويمكن ملاحظة كثافة الأندية الطلابية السعودية في أمريكا من واقع كونها الوجهة الأكثر جذباً للمبتعثين السعوديين، الذين يبلغ عددهم فيها 99 ألفاً و924 مبتعثاً يمثلون 50.8% من إجمالي المبتعثين في الخارج والبالغ عددهم وفقاً لإحصائيات وزارة التعليم العالي عن الدارسين في الخارج للعام الدراسي 1433/1432هـ حوالي 195964 مبتعثاً. أما المملكة المتحدة وأيرلنداً، فهي تمثل الوجهة الثانية الأكبر للمبتعثين السعوديين بواقع 24 ألفاً و703 مبتعثين يمثلون ما نسبته 12.6% من إجمالي المبتعثين. فيما تحتل كندا المركز الثالث من حيث الدول الأكثر جذباً للمبتعثين السعوديين بواقع 18 ألفاً و924 مبتعثاً يمثلون ما نسبته 9.6% من إجمالي المبتعثين، فيما يصل عددهم في أستراليا إلى 14 ألفاً وخمسين مبتعثاً يمثلون ما نسبته 7.1% من إجمالي المبتعثين. وبذلك تجمع هذه الجهات الأربع نحو 80.1% من إجمالي المبتعثين ويصل عدد نواديهم فيها 321 نادياً.
نبذة تاريخية
وتأسست الأندية الطلابية السعودية في الخارج على مبدأ العمل التطوعي بين أعضائها لرعاية المبتعثين والمبتعثات ومرافقيهم. وتحكم هذه الأندية لوائح تم اعتمادها من قبل السفارات والملحقيات الثقافية السعودية في الخارج. وتمتاز الأندية السعودية في الخارج بصفة عامة بتوفيرها الجهد والوقت على مشتركيها، ويحق لكل مواطن خليجي وليس سعودياً فقط الالتحاق بالنادي بالتواصل المباشر مع رئيسه. ولكل نادٍ وسائل للتواصل مع المسؤولين عنه، فبعضها له موقع على الإنترنت وبعضها يكتفي ببريد إلكتروني أو صفحة على فيسبوك أو حساب على تويتر. وثمة لوائح صدرت بالفعل لهذه الأندية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأيرلندا وأستراليا.
وتشير الإحصائيات إلى أن تلك النوادي بدأت رحلتها في عام 1985 ووصلت إلى ما وصلت إليه الآن بعد جهد تراكمي، حافظ المبتعثون على بقائه وتنميته مستفيدين من الأجواء التي تعم البيئة الجامعية في الخارج.
وبالإضافة إلى كونها مواقع وصفحات للتواصل الاجتماعي وتبادل الأفكار والمعلومات حول الأنشطة المختلفة، التي يمارسها المبتعثون تبقيهم على اتصال بعضهم ببعض، فإنها تتيح لهم أيضاً الاطلاع على أحدث المستجدات في الوطن وما يصدر من بيانات أو قرارات تهمهم. وتقر اللوائح التنظيمية لتلك الأندية بأنها ليست لها أية ميول أو اتجاهات أو ارتباطات أو أهداف سياسية ولا تتعارض أنشطتها وما تقدمه مع أحكام الشريعة الإسلامية وسياسة المملكة وما تنص عليه لوائح وأنظمة الجامعات المتعلقة بمنظماتها الطلابية وما يصدره مجلس إدارة الأندية من قرارات وتوجيهات وما تضمنته هذه اللائحة.
أجواء أفضل للنوادي الخارجية
والمتأمل لأوضاع تلك النوادي سيجد أن النوادي الخارجية حظيت بأجواء أفضل من وجهة نظر الطلاب، الذين كان همهم في الخارج تأسيس روابط أو نوادٍ تجمعهم وتربط بينهم بما يحافظ على الهوية الوطنية، ويبقيهم على تواصل مع الوطن والتقاليد والأخلاقيات التي يحرصون على حمايتها في غربتهم. وبينما توجد لوائح وأنظمة يحتكم إليها في تأسيس وإدارة هذه الأندية في الخارج، وتشرف الملحقيات الثقافية على متابعة تنفيذها وتتحقق من تحقيق الأندية لأهدافها، وتراقب أداءها، نجدها في الداخل تتأسس تلقائياً بمعرفة إدارة الجامعة ويخصص لإدارتها مسؤولون بها، دون حاجة إلى لوائح تنظم شؤونها، بل مجرد تعليمات متفق عليها. الأمر الذي جعل النوادي الخارجية أشبه بمراكز خدمية متعددة الأطراف تتفاعل فيما بينها لخدمة المستفيدين منها، في حين أضفى على الداخلية صفة لجان النشاط الطلابية التقليدية التي يسير التفاعل فيها في اتجاه خطي، من خلال طرح فعاليات من قبل إداراتها وقبول مشاركات من قبل الطلاب.
بين الداخل والخارج
وثمة تباين شاسع، أو ربما لا وجه للمقارنة بين واقع الأندية الطلابية السعودية في الخارج، وواقعها في الداخل. فالجامعات السعودية (ووزارة التعليم العالي بالضرورة) لا تتيح أي معلومات عن النوادي الطلابية فيها إلا فيما ندر. وحين تذكرها فإنها تتطرق إليها من باب «النشاط الطلابي»، لكن الأندية فيها لا يديرها الطلاب ولا يتحكمون في برامجها، وتخضع مباشرة لإدارات الجامعات كإحدى وحداتها الإدارية، فيما تشرف عليها في الخارج الملحقيات الثقافية، بينما يدير أندية الخارج المبتعثون.
وقد لا يكون عدد تلك النوادي الداخلية قليلاً، لكن المتاح من معلومات عنها يوحي بذلك. ففي جامعة الملك عبدالعزيز مثلاً يوجد 14 نادياً طلابياً، وثمة ثلاث نوادٍ رئيسة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وأربعة نوادٍ في جامعة الملك سعود، ويوجد في جامعة المجمعة ستة نوادٍ، كما يوجد نحو تسعة نوادٍ طلابية في جامعة الملك فيصل.
ففي أستراليا على سبيل المثال، فإن حق الترشح لرئاسة النادي ورئاسة وحداته الأخرى مكفول في النظام الأساسي لأندية الطلبة لكل الأعضاء المنتظمين في النادي، بشرط أن يكون المتقدم عضواً منتظماً مستوفياً كل شروط الترشح، وأن تتم الموافقة على طلبه من الجهات المختصة في الملحقية.
ومؤخراً، وبعد خلافات ثارت حول المرجعية الإدارية لتلك الأندية، اعتمدت الملحقية الثقافية في المملكة المتحدة وأيرلندا نموذجاً موحداً للتسجيل من قبل المبتعثين في جميع الأندية العاملة في نطاقها عبر صفحة مخصصة لذلك على موقع وزارة التعليم العالي، رغبة منها لتنظيم العمل والتواصل مع الأندية الطلابية للدورة الثالثة والثلاثين. ودعت في سبيل ذلك جميع رؤساء الأندية وأعضاء هيئاتها الإدارية إلى تعميم ذلك النموذج على جميع الطلاب والطالبات المبتعثين للتسجيل. وتجمع الأندية في المملكة المتحدة وأيرلندا إدارة مركزية تضم رئيساً ونائبين ومنسقين للأنشطة والمراكز التعليمية والنواحي المالية.
اختلاف في الأهداف
وحددت اللائحة التنظيمية للأندية أهدافاً لتلك الأندية، منها تنظيم ورعاية الأنشطة الاجتماعية والتربوية والثقافية والدينية والرياضية للمبتعثين السعوديين وعائلاتهم، والتعريف بشتى الجوانب الحضارية للمملكة، وتوثيق أواصر العلاقات بين المبتعثين السعوديين، وإنشاء مدارس لأولاد المبتعثين تقوم بتدريس المناهج وفق المقرر السعودي، فيما يؤمّن المكتب الثقافي الكتب الدراسية ويصادق على الشهادات التي تصدرها تلك المدارس. ويحق لعضو النادي المشاركة في أنشطته والاقتراع والتصويت في الانتخابات والاعتراض على ممارسات رئيس النادي أو أي من أعضاء هيئته الإدارية والمطالبة بسحب الثقة منهم فضلاً عن الحقوق المتعلقة بالأبناء.
أما في الجامعات السعودية، فتبدو مهمة النوادي مختلفة عنها في الخارج، فهي في الداخل تهدف إلى صقل شخصية الطالبة الجامعية وإبراز مواهبها المختلفة، وقضاء أوقات الفراغ في برامج هادفة ومفيدة، وتهيئة الطالبة الجامعية لمواجهة أعباء الحياة بعد تخرجها، وإقامة النشاطات التي تبرز جهود أعضاء النادي في المجالات التي يتميزون فيها، وتوثيق الإنتاج الطلابي وإنشاء قاعدة بيانات للمواهب الطلابية في مختلف المجالات. كما يحيط نوادي الداخل نوع من الغموض بشأن آليات عملها واختيار إدارتها.
آليات الإدارة
ويتم اختيار رئيس وأعضاء الهيئة الإدارية للنادي الطلابي في الخارج بالانتخاب، سواء بالقائمة أو الانتخاب الفردي، كما يتم التصويت على كل مرشح لمنصب إداري بشكل فردي، فيما يختار الطلاب المبتعثون رئيسهم وهيئتهم الإدارية وهم مَنْ يؤسسون ناديهم بأنفسهم. في حين تختار لجنة مخصصة يرأسها عميد شؤون الطلاب، المشرف على النادي الداخلي فضلاً عن منسقي النشاط ولا ذكر أبداً لمسألة الانتخابات في تلك الاختيارات. واللجنة هي نفسها، التي تجيز الميزانيات والأنشطة والمطبوعات وأي مهام أخرى. ويلف هذه النوادي شيء من الغموض، حيث لا تعمل معظم الروابط المتعلقة بضوابط إنشائها وآليات إدارتها وكيفية اختيار أعضائها كما لا يتاح كثير عن طبيعة نشاطها.
لمَنْ الكلمة العليا؟
وتكشف جامعة الملك سعود عن ضوابط إنشاء أندية النشاط الطلابية، فتقول تتم حسب الحاجة، وحسب مرئيات عمادة شؤون الطلاب بقرار من صاحب الصلاحية. ما يعني أن رغبة الطلاب في إنشاء أي نادٍ غير مطلوبة، أو هكذا يفهم من تلك العبارة. وتشير الضوابط إلى أن الجهة التي ترغب في إنشاء نادي نشاط طلابي تتقدم لعميد شؤون الطلاب بخطة وتصور متكامل عن النادي المقترح وأهدافه ومجالات نشاطه. ويجب ألا يقل أعضاء النادي المقترح في مرحلة التأسيس عن ثلاثين طالباً وطالبة، يتم تقديم بياناتهم لعميد شؤون الطلاب. ويجوز أن يضم النادي أي عددٍ من الطلاب أو الطالبات من المنتظمين في الجامعة بشرط ألا تقل العضوية في أي وقت من الأوقات عن عدد المؤسسين.
وتقوم عمادة شؤون الطلاب بإصدار قواعد تنفيذية لعمل أندية النشاط الطلابي بناءً على هذه الضوابط. ويلتزم النادي بالضوابط العامة للنشاط غير الصفي في الجامعة وأي ضوابط يتم تبليغها للجامعة رسمياً. ويجوز وفقاً لتلك الضوابط، التعاون مع الجهات ذات العلاقة في تنفيذ البرامج ذات الصبغة المشتركة. ولعمادة شؤون الطلاب تعديل وتفسير هذه الضوابط. كما يجوز تعطيل نشاط النادي إذا لم يحقق النادي أهدافه.
دعوة للمراجعة
** وقد تبدو الفرصة الآن سانحة لإعادة طرح أوضاع النوادي الطلابية في الجامعات السعودية للنقاش، حتى لا تحدث فجوة في التفكير بين خريجي تلك الجامعات والمبتعثين، أو صدمة حضارية بين المبتعثين، الذين ينشأون في أجواء تختلف عن تلك التي يعيشون فيها لاحقاً. وربما أسهم ذلك في احتواء ما ينشأ من إشكاليات قبل وبعد الابتعاث ظهرت انعكاساتها في أزمة النوادي الطلابية في المملكة المتحدة وأيرلندا، التي حدثت في الشهور القليلة الماضية، حين حدثت المواجهة بين فكر طلابي يميل إلى إدارة تلك النوادي بصورة مستقلة عن الملحقيات، التي تجسدت في تقدم الهيئة الإدارية العامة لأندية الطلبة السعوديين في المملكة المتحدة وأيرلندا في دورتها 32 باستقالتها بكامل أعضائها لما تمليه عليها مسؤوليتها الأخلاقية تجاه الطلاب المبتعثين في شهر يوليو الماضي، وتسليم جميع مسؤولياتها ومهامها للملحقية الثقافية، ممثلة في قسم الأندية، بسبب «عقبات واكبت مسيرة الدورة»، مشيرة إلى ضغوط تمارسها الملحقية عليها في الوقت، الذي تعد الهيئة الجهة المعتمدة لتولي شؤون تلك النوادي.