بعد هاجس الغربة وحوادث الموت... إرهاق معلمات بصعود «جبل صماد» مشياً
إخبارية الحفير - متابعات:
كأن قدر المعلمة السعودية أن تسدد فاتورة التقصير الحكومي الذي تشترك فيه جهات حكومية عدة على رأسها وزارتا التربية والتعليم والنقل، في بلد خصص 14.22 في المئة من موازنته المالية في العام الحالي للتعليم، و38 في المئة لقطاع النقل، فيما تضطر المعلمة أماني إلى صعود الجبل يومياً لا للاحتطاب أو الرعي، بل لأداء أعظم مهن البشرية منذ الوجود «التعليم».
وحكاية معلمات جبل «صماد» في جازان التي يبلغ عددهن 20 معلمة، تبدأ فصولها الأولى في كتاب العام الدراسي قبل تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من فجر كل يوم ولا تنتهي إلا بغياب شمسه، فبعد أن يقطعن مسافة 150 كيلومتراً من محافظة صبيا على مرحلتين بسبب وعورة الطريق، يصلن إلى قاع الجبل ليبدأن رحلتهن إلى المدرسة التي تنتظرهن فيها 33 طالبة، مشياً على راحة أقدامهن محملات بألم الغربة والطريق، ويصعدن الجبل يتقاسمن خلاله الأنين وتضاريسه التي تشبه قسوتها قلوباً غفلت عن إصلاح الطريق. أماني خليفة فتاة من شرق السعودية تم تعيينها حديثاً في سلك التعليم، أُجهضت فرحتها في الزيارة الأولى التي قامت فيها بتسليم خطاب تعيينها إلى المدرسة، إذ يعاني أهل جبل «صماد» التي تدرّس فيه أماني من انقطاع الخدمات المدنية كافة من مستشفى ومحال تجارية وأبراج اتصال وشبكات الإنترنت.
وعلى رغم المحاولات التي يبذلها الأهالي في سبيل تعبيد طرقهم من نفقاتهم الخاصة إلا أن المشروع تعثر تنفيذه مدة سبعة أعوام وأكثر، وتم إيقافه لأسباب مجهولة، إضافة إلى أن تعليم الفتيات يتوقف عند المرحلة المتوسطة وتبقى مواصلة الدراسة الثانوية وما بعدها حلماً من الصعب تحقيقه.
وتقول أماني : «لا أدري ما الذي يدفعني إلى الدخول يومياً في مواجهة شرسة مع الموت، فالدرب وعر وكأننا نمتطي عربة قطار الموت. الفرق هو أنني في ذهابي إلى المدرسة أقطع تذكرة ذهاب من دون أن أضمن العودة وتساءلت لماذا نوضع على شفير الموت، فهذه السيارة التي تتولى صعودها إلى الجبل تمنحها شهادة وفاة مسبقة، قبل الشهادة العلمية التي ستمنحها لطالباتها.
ويبلغ ارتفاع مدرستها لدرجة أن السيارة تدخل وسط الغيوم فكل ما تستطيعه أماني هو أن تحصّن نفسها كل صباح بالشهادتين والصدقة، وتأخذ معها كسرات الخبز وتقذفها على القردة المنتشرة حول الجبال، صدقة تشتري بها حياتها وحياة من معها.
أما رفيقتها في الطريق والألم المعلمة مروة فتقول إنها تشعر بالفخر الشديد وهي تعبر هذه المخاوف والمتاعب اليومية كلها، لتعلم بنات في منطقة نائية من وطنها الذي يشكل لها كل قاع وبقعة منه وطناً، مشيرة إلى أن هناك طالبات محبات للعلم والتعلم يحفظن دروسهن ويبدعن في الأنشطة الصفية وتتعدد مواهبهن ما بين الكتابة والإلقاء والتمثيل والإنشاد.
المعلمة وفاء السعد التي لا تكاد تنطق شفتيها باسم أحد طفليها اللذين لا يوجد لهما أحد سواها، لأن زوجها يمر بحال نفسية صعبة حتى تدخل في نوبة صمت مع تنهدات عميقة، وتقول لم يجبرني على التعيين في هذه المنطقة البعيدة عن جميع أهلي وأقاربي إلا الحاجة الماسة، فزوجي مصاب بانفصام في الشخصية وطفلاي ليس لديهم بعد الله سواي، مناشدة وزير التعليم بالنظر إلى حالها وظروفها التي تعيشها. من جهته، قال المتحدث الإعلامي في إدارة تعليم صبيا محمد عطيفة إن الإدارة المباشرة للمدرسة عرضت قضية خطورة المنطقة في اجتماعات المجلس البلدي، مشيراً إلى أن خطورة الطرق أمر يخص المواصلات وهناك مخاطبات في هذا الشأن إلى الجهات المختصة.
وأشار محمد عطيفة إلى أن وزارة التربية والتعليم أصدرت تعميماً أنه في حال وجود سيول أو طارئ يعرض حياتهن للخطر، فإنه يسمح للمعلمات بعدم الذهاب إلى تلك المدارس.
كأن قدر المعلمة السعودية أن تسدد فاتورة التقصير الحكومي الذي تشترك فيه جهات حكومية عدة على رأسها وزارتا التربية والتعليم والنقل، في بلد خصص 14.22 في المئة من موازنته المالية في العام الحالي للتعليم، و38 في المئة لقطاع النقل، فيما تضطر المعلمة أماني إلى صعود الجبل يومياً لا للاحتطاب أو الرعي، بل لأداء أعظم مهن البشرية منذ الوجود «التعليم».
وحكاية معلمات جبل «صماد» في جازان التي يبلغ عددهن 20 معلمة، تبدأ فصولها الأولى في كتاب العام الدراسي قبل تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من فجر كل يوم ولا تنتهي إلا بغياب شمسه، فبعد أن يقطعن مسافة 150 كيلومتراً من محافظة صبيا على مرحلتين بسبب وعورة الطريق، يصلن إلى قاع الجبل ليبدأن رحلتهن إلى المدرسة التي تنتظرهن فيها 33 طالبة، مشياً على راحة أقدامهن محملات بألم الغربة والطريق، ويصعدن الجبل يتقاسمن خلاله الأنين وتضاريسه التي تشبه قسوتها قلوباً غفلت عن إصلاح الطريق. أماني خليفة فتاة من شرق السعودية تم تعيينها حديثاً في سلك التعليم، أُجهضت فرحتها في الزيارة الأولى التي قامت فيها بتسليم خطاب تعيينها إلى المدرسة، إذ يعاني أهل جبل «صماد» التي تدرّس فيه أماني من انقطاع الخدمات المدنية كافة من مستشفى ومحال تجارية وأبراج اتصال وشبكات الإنترنت.
وعلى رغم المحاولات التي يبذلها الأهالي في سبيل تعبيد طرقهم من نفقاتهم الخاصة إلا أن المشروع تعثر تنفيذه مدة سبعة أعوام وأكثر، وتم إيقافه لأسباب مجهولة، إضافة إلى أن تعليم الفتيات يتوقف عند المرحلة المتوسطة وتبقى مواصلة الدراسة الثانوية وما بعدها حلماً من الصعب تحقيقه.
وتقول أماني : «لا أدري ما الذي يدفعني إلى الدخول يومياً في مواجهة شرسة مع الموت، فالدرب وعر وكأننا نمتطي عربة قطار الموت. الفرق هو أنني في ذهابي إلى المدرسة أقطع تذكرة ذهاب من دون أن أضمن العودة وتساءلت لماذا نوضع على شفير الموت، فهذه السيارة التي تتولى صعودها إلى الجبل تمنحها شهادة وفاة مسبقة، قبل الشهادة العلمية التي ستمنحها لطالباتها.
ويبلغ ارتفاع مدرستها لدرجة أن السيارة تدخل وسط الغيوم فكل ما تستطيعه أماني هو أن تحصّن نفسها كل صباح بالشهادتين والصدقة، وتأخذ معها كسرات الخبز وتقذفها على القردة المنتشرة حول الجبال، صدقة تشتري بها حياتها وحياة من معها.
أما رفيقتها في الطريق والألم المعلمة مروة فتقول إنها تشعر بالفخر الشديد وهي تعبر هذه المخاوف والمتاعب اليومية كلها، لتعلم بنات في منطقة نائية من وطنها الذي يشكل لها كل قاع وبقعة منه وطناً، مشيرة إلى أن هناك طالبات محبات للعلم والتعلم يحفظن دروسهن ويبدعن في الأنشطة الصفية وتتعدد مواهبهن ما بين الكتابة والإلقاء والتمثيل والإنشاد.
المعلمة وفاء السعد التي لا تكاد تنطق شفتيها باسم أحد طفليها اللذين لا يوجد لهما أحد سواها، لأن زوجها يمر بحال نفسية صعبة حتى تدخل في نوبة صمت مع تنهدات عميقة، وتقول لم يجبرني على التعيين في هذه المنطقة البعيدة عن جميع أهلي وأقاربي إلا الحاجة الماسة، فزوجي مصاب بانفصام في الشخصية وطفلاي ليس لديهم بعد الله سواي، مناشدة وزير التعليم بالنظر إلى حالها وظروفها التي تعيشها. من جهته، قال المتحدث الإعلامي في إدارة تعليم صبيا محمد عطيفة إن الإدارة المباشرة للمدرسة عرضت قضية خطورة المنطقة في اجتماعات المجلس البلدي، مشيراً إلى أن خطورة الطرق أمر يخص المواصلات وهناك مخاطبات في هذا الشأن إلى الجهات المختصة.
وأشار محمد عطيفة إلى أن وزارة التربية والتعليم أصدرت تعميماً أنه في حال وجود سيول أو طارئ يعرض حياتهن للخطر، فإنه يسمح للمعلمات بعدم الذهاب إلى تلك المدارس.