• ×
الجمعة 20 جمادى الأول 1446

كتائب الأسد تغتال سعودياً في ريف دمشق بست رصاصات.. والجيش الحر يشترط سيّارة لإخراج عائلته

كتائب الأسد تغتال سعودياً في ريف دمشق بست رصاصات.. والجيش الحر يشترط سيّارة لإخراج عائلته
بواسطة سلامة عايد 27-03-1434 08:48 صباحاً 278 زيارات
إخبارية الحفير - متابعات لَقِيَ المواطن فرحان عطا الله العنزي حتفه مطلع الشهر الماضي بست طلقات رشاش نارية من قِبَل أفراد كتائب النظام السوري عند أحد الحواجز الأمنية في مدينة النبك في محافظة ريف دمشق، بعد أن تم استيقافه بمجرد التأكد من كونه سعودياً.
وبعد مقتل العنزي هدّد الخطر حياة أسرته التي لم تتمكن من العودة إلى أرض الوطن إلا مطلع الأسبوع المنصرم.

خرج فرحان عطا الله العنزي، الذي كان يعمل سائق إسعاف في مستشفى الملك فيصل التخصصي، من المملكة عام 1425هـ متوجهاً إلى سوريا خشية السجن بعد تراكم ديونٍ عليه تجاوزت قيمتها 300 ألف ريال وعجزه عن سدادها، وبعد تعرضه لخسارة في سوق الأسهم.

مستند بالديون المثبتة على العنزي

وبصحبة إحدى زوجتيه وبناته الأربع وابنه محمد توجّه العنزي إلى محافظة حمص حيث كان يمتلك مزرعة في قرية جوسية التابعة لها، فيما ظل أفراد أسرته وأبناؤه الموجودون في المملكة على اتصال به طيلة هذه الفترة يحاولون إقناعه بالعودة إلى الوطن، لكن شبح السجن بسبب الديون المتراكمة كان يحول دون عودته.
ومع بداية الأحداث السورية وإغلاق سفارة المملكة في سوريا، انقطعت الاتصالات وأصبح مصير العنزي ومن معه من أفراد أسرته مجهولاً، فاضطر ابنه فيصل الذي يدرس في إحدى جامعات المملكة إلى اللجوء إلى السفارة السعودية في لبنان، لكن تأزّم الأوضاع حال دون التواصل مع والده ومعرفة أي معلومات عنه.
الغدر قبل العودة

وبحسب محمد العنزي الذي كان بصحبة والده في سوريا، فإن تزايد الاضطرابات الأمنية هناك مع صعوبة المعيشة جعل والده يقرر العودة إلى أرض الوطن.
«وفي مطلع الشهر الماضي، توجّه للأردن بمفرده لإنهاء الأوراق التي تخص أفراد عائلته، فتم استيقافه من قِبَل أحد الحواجز الأمنية التابعة لجيش النظام السوري، وبمجرد أن تأكدوا أنه سعودي الجنسية بعد أن اطَّلعوا على جواز سفره أردوه قتيلاً بست طلقات رشاش نارية وتركوا جثته ملقاة بجانب الطريق مضرجة بالدماء بعد أن سلبوا جميع ما كان يحمل من نقود وأوراق ثبوتية»، بحسب نجله محمد.
وبعد أن غادر أفراد جيش الأسد المنطقة حضر بعض أهالي قرية النبك الذين تعرّفوا على جثة العنزي فقاموا بالصلاة عليه ودفنه في القرية لاستحالة نقله إلى المستشفى أو ثلاجة الموتى لأن مصيرهم سيكون نفس مصيره.

ويضيف محمد للصحيفة: «قام بعض أهالي القرية الذين كانت تربطهم علاقة مع والدي بنقلنا أنا ووالدتي وأخواتي إلى قرية تدعى رضيفات تبعد عن النبك 150 كم، حيث كان لنا بعض المعارف هناك، وذلك خوفاً علينا من النظام السوري الذي يعدّ الجنسية السعودية سبباً كافياً لإعدامنا».

.. وأوراق تحمل بيانات العائلة

ويُكمل «في نفس اليوم هاتفت أخي فيصل في المملكة وأخبرته بما حدث وشرحت له سوء حالنا والخوف الذي نحن فيه والخطر الذي بات يهددنا». بدوره، يقول فيصل «قمت على الفور بالتواصل مع مسؤول الرعايا السعوديين في سفارة المملكة في لبنان، أحمد التركي، وإرسال خطاب إلى السفير هناك وصورة من دفتر العائلة، لكنني لم أستطع الوصول إلى حل وأصبحت حائراً مكتوف اليدين لا أدري ماذا أفعل لمساعدة أسرتي وأصبحت أعيش ما يعيشونه».
بداية انفراجة

لكن الله شاء، وبحسب حديث فيصل للصحيفة، أن يذكر قصته لأحد الأشخاص الذين تعرّف عليهم مؤخراً، فوعد بمساعدته عن طريق من يعرفهم من ضباط الجيش السوري الحر مقابل تأمين مبلغ مالي أو التنازل لهم عن سيارة الأسرة في سوريا وهي من طراز «دينا» موديل 2007 كبيرة الحجم.
وعلى الفور أبدى فيصل لهذا الشخص استعداده لـ«دفع جميع ما تطلبون لكن المهم عودة أسرتي سالمة».
يتابع فيصل قائلاً «في اليوم التالي، أخبرني أنهم وافقوا على إخراج أفراد أسرتي وإيصالهم إلى الحدود الأردنية شريطة أن يتسلّموا السيارة قبل المغادرة، وزودني برقم هاتف لشخص يُدعى أبوفراس من أفراد الجيش الحر لتسلم السيارة وإيصال أفراد عائلتي إلى الحدود».
رحلة الخطر

يعود خيط الأحداث مجدداً إلى محمد، الذي يقول «في صباح أحد الأيام، وفي حدود السابعة صباحاً، حضر إلينا أبوفراس ومعه شخصان آخران أحدهما يقود سيارة أخرى، وعرَّفنا بنفسه وأخبرنا أنه سيوصلنا، فرَكِبنا سيارتين، وكانت والدتي وأخواتي الصغار في سيارة، وأنا وأخواتي الكبيرات في السيارة الأخرى، حتى وصلنا إلى منطقة تُدعى كراج العباسيين في الشام عند الواحدة ظهر هذا اليوم».
ويضيف «بعد ذلك انتقلنا مع شخص يُدعى أبورعد بسيارة من نوع باص صغير تسمى (سرفيس) إلى الحدود الأردنية، أنا وأخي أحمد وشقيقاتي السبع ووالدتي، وسلمنا لهذا الشخص مفاتيح السيارة الـ«دينا» المتفق عليها وأعطانا أوراقاً ثبوتية سورية مزوّرة لنتجاوز الحواجز الأمنية التي كنا نمر بها، كنا نشاهده يدفع لهم بعض المال ليسهّلوا عملية مرورنا».
ويؤكد محمد أن الأسرة مرّت خلال رحلة العودة بما يقرب من عشرة حواجز أمنية «رأينا الموت فيها عشرات المرات وعشنا الخوف والرعب طيلة هذه المسافة»، حسب قوله.
وقرابة الخامسة من عصر يوم العودة وصلت أسرة العنزي محافظة درعا، التي كانت تبعد قرابة 150 كم، ويقول محمد «تسلمنا الجيش الحر في منطقة كان واضحاً أنه يسيطر عليها، وقام جنوده على الفور بسحب أجهزة الاتصال التي كنا نحملها خوفاً من تتبع النظام لنا من خلال رصدها، كما طلبوا منا الانتظار إلى ما بعد الغروب وحلول الظلام ليتمكنوا من إيصالنا إلى الحدود الأردنية، ثم قاموا بتسكيننا في منازل تضم أماكن للرجال وأخرى للنساء والمصابين والأطفال».
وكان الجيش الحر يقوم بعملية مسح قبل عبور أسرة العنزي، فيما بلغ عدد الذين عبروا برفقتها في تلك الليلة قرابة المائتي عائلة، وعند التاسعة مساءً وصلت أسرة العنزي إلى الأردن.
ويروي محمد «حضر أخي فيصل وقام بكفالتنا وإخراجنا من هناك واستأجر لنا منزلاً في محافظة الزرقاء».
وبالعودة إلى فيصل، يذكر أنه أثناء الحديث مع أسرته شكت له شقيقته التي تبلغ من العمر 16 عاماً، آلاماً شديدة في كتفها بعد تعرّضها قبل عدة أشهر لشظية من أحد البراميل المتفجرة التي يلقيها النظام، ولم تستطِع تلقي العلاج هناك بسبب الظروف الأمنية، فلجأت إلى العلاج الشعبي والعلاج بالكي.
دور سفارة المملكة

ويُكمل فيصل «في اليوم التالي توجّهت إلى القائم بأعمال السفارة السعودية لدى الأردن الدكتور حمد الهاجري، وشرحت له الوضع كاملاً».
وعلى الفور، وجّه الهاجري بخطاب تغطية إلى المستشفيات المتخصصة في مدينة عمان للكشف على جميع أفراد الأسرة وعلاج من يحتاج منهم على نفقة السفارة، كما وجّه بتأمين سكن مناسب ومؤثث وأمر بتخصيص مصروف أسبوعي لكل فرد من أفراد العائلة.
وبعد الكشف على المصابة وإجراء الفحوصات اللازمة والأشعة عليها اكتشف المستشفى التخصصي في عمان وجود شظية اخترقت لحم الكتف فوضع لها برنامجاً علاجياً لستة أشهر، كما اكتشف المستشفى معاناة أسماء التي تبلغ من العمر عشر سنوات من التهابات حادة في الكلى والمثانة البولية، ما استدعى تنويمها، ومازالت تتلقى العلاج في المستشفى.
المشكلة عالقة

يصف فيصل الوضع الحالي لأسرته بقوله «المشكلة مازالت عالقة»، مناشداً وزير الداخلية بإنهائها.
ويوضح فيصل أنه لا توجد أوراق نظامية لأربع من أخواته الأطفال الذين لم تتجاوز سن أكبرهن الثماني سنوات، حيث وُلدن في سوريا ولم يقم والدهن بتسجيلهن، وفي هذه الحال لن يتمكنّ من العودة وسيبقين إلى ما لا يعلمن. كما يطالب فيصل السفارة السعودية في الأردن بمساعدته في استخراج شهادة وفاة لوالده، التي يصعب الحصول عليها في الوقت الحالي بسبب انقطاع العلاقات بين البلدين.
وبحسب فيصل، سترتبط كثير من الإجراءات التي تخص عائلته، سواء زواج أخواته أو استخراج إثباتات لهن، بالحصول على هذه الشهادة.
ويناشد فيصل وزير الشؤون الاجتماعية بتأمين سكن لهم في المملكة وإدراجهم ضمن مستفيدي الضمان كون عددهم الآن بلغ العشرين شخصاً وليس لهم عائل أو بينهم موظف، كما يناشد ولاة الأمر للمساعدة في سداد الدين الذي تركه والده والمثبت بالأوراق الرسمية، وكان سبباً في حرمانهم من والدهم تسع سنوات، واغتياله على أيدي جيش النظام السوري.