عدم الاستقرار .. وغياب خارطة الطريق .. أخرجانا من البطولة
إخبارية الحفير - متابعات أدى عدم ثبات تشكيلة المنتخب السعودي إلى خروجه من البطولة يوم أمس بالرغم من المجهود الكبير الذي بذله اللاعبون طوال شوطي المباراة..
** فقد فاجأنا المدرب «ريكارد» منذ البداية بحشد اكبر عدد من لاعبي الوسط على حساب هجوم المقدمة وبعثرة لاعبي الهجوم وتكليفهم بمهام لا تتناسب مع طبيعة مهاراتهم وقدراتهم وخبراتهم الخاصة بالتميز في مناطق دون غيرها.
** لعب ريكارد -منذ البداية- بفهد المولد كرأس حربة «مهاجم صريح» وسط غابة من المدافعين الكويتيين المتمرسين.. وأرسل «ياسر القحطاني» للعب في منطقة الهجوم الايسر ورمى بـ«تيسير الجاسم» في منطقة الهجوم الايمن، ولعب بكتيبة غير متجانسة في منطقة الوسط؛ يحيى الشهري وأحمد عطيف وكريري ومنصور الحربي الذي كان يساند الهجمة اكثر من ادائه لدوره الاساسي كظهير ايسر ولست ادري ما هي دوافعه في هذا التشكيل الغريب!
** وكان بداية الخطأ الذي ارتكبه المدرب هو.. تفريغ هجوم المقدمة من عنصر الخبرة «ياسر القحطاني» او «ناصر الشمراني» او اللعب بكليهما في المقدمة.. وليس بشاب صغير.. في عمره وجسمه وخبرته هو «فهد المولد» الذي يسر وجوده في المقدمة مهمة دفاع الكويت كثيرا..
** ولو كان «ياسر القحطاني» في هذا المكان منذ البداية وكان خلفه كل من «تيسير الجاسم ويحيى الشهري» لما سيطر دفاع الكويت على منطقة خط الظهر طوال فترات المباراة الاربع وتسعين دقيقة.
** وحتى عندما عاد ياسر الى المقدمة.. في وقت متأخر جدا.. فإن اللاعب الممول له كان بعيدا عنه حيث ظل «تيسير» يتحرك في منطقة الاطراف.. مرة في اليمين ومرة اخرى في اليسار.. في الوقت الذي بدا «فهد المولد» غير مهيأ للعب هذه المباراة بالمستوى المطلوب بعد ان فقد لياقته.. وعجز عن اختراق الظهير الايسر الكويتي المتمرس امام لاعب ناشئ يجد صعوبة في الالتفاف والاستدارة وسرعة التصرف.
** وحتى هذا التكثيف لمنطقة الوسط على حساب هجوم المقدمة لم يحقق اهدافه.. لأن الفريق بكامله -ولاعبي الوسط على وجه التحديد- لعبوا بدون «خارطة طريق» بدليل ركونهم الى الكرات العرضية والتحضير البطيء واللعب في منطقة لا يتجاوز قطرها الامتار الثلاثة ولم يمرروا كرة بينية واحدة سليمة لمهاجم المقدمة او لمهاجمي الاطراف وظلوا يلعبون كرة استعراضية بحتة وغير مجدية حتى بعد ان حقق «يوسف ناصر» هدف الكويت الوحيد نتيجة كرة طويلة فاجأ بها خط الدفاع المتقدم وتفوق على «اسامة المولد» ومررها من تحت يد حارس المرمى وليد عبدالله.
** والأسوأ من كل هذا ان الكرة السعودية ظلت «منحصرة في منطقة طولية واحدة» فلا الاطراف كانت فعالة.. ولا الوسط كان ذكيا بدرجة كافية.. ولا المدرب وجه او قدم حلولا حاسمة لاختراق دفاع الكويت الذي استفاد من الكرات السعودية العالية التي كانت تسقط فوق رؤوسهم وتحرم هجومنا من تحويلها الى فرص محققة.
** فقد غابت الكرات البينية القاتلة تماما وحلت محلها كرات «طائشة» وعالية.. صعب معها على هجومنا ان يخترق الدفاع الكويتي المتصف افراده بالطول.. وصفوفه بالانضباط وبسرعة التخلص من الكرة.. وباستغلال حالة التفكك الهجومية امامه.
** وعندما يفقد الفريق الخطة.. وتغيب عنه القيادة والتوجيه.. فإن من الصعب على هذا الفريق ان يفوز مهما كان الجهد المبذول من قبل لاعبيه.. وذلك ما حدث من المنتخب السعودي بأكمله بما فيه خط الدفاع الذي شهد حالة توهان وارتباك وتفكك سببها الرئيسي هو لعب اسامة المولد وأسامة هوساوي على خط واحد وبطريقة واحدة وبتجانس اقل ما يمكن ان يوصف به أنه ضعيف بدليل كثرة اخطاء كل منهما عندما كانا يلعبان معا وقبل خروج «اسامة المولد» وكذلك خلال المباريات السابقة.
** ولذلك فإننا لا ننصح ابدا بأن يلعب الاثنان معا وعلى المنتخب ان يبحث عن متوسط دفاع آخر الى جانب اسامة المولد لإغلاق اخطر منطقة في الدفاع.. أي دفاع.
** الوحيد الذي ادى دوره في خط الدفاع في هذه المباراة بأقل قدر من الاخطاء هو «منصور الحربي» في المنطقة اليسرى ولا سيما في الجانب الهجومي.. وإن كان التجانس بينه وبين لاعب الوسط ومهاجم المقدمة الايسر اقل مما يجب لاسباب تتحملها الخطة وخطأ المدرب في توزيع الادوار بين المهاجمين.
** وحتى سلطان البيشي «الظهير الايمن» لم يقصر في هذه المباراة وكان اقل اخطاء من المباراتين السابقتين وربما ساعد على ذلك عدم بروز الجناح الايسر الكويتي الشهير «وليد علي» في هذه المباراة في الوقت الذي كنا نتوقع خطورة اكبر منه على مرمانا.. لكنه بدا في هذه المباراة ولحسن الحظ «مرهقا» و«تائها». ولا ادري ماذا كان يمكن ان يكون وضعنا لو انه كان في مستواه المعهود.. وشكل بهجماته الجانبية ورفعاته القاتلة خطورة حقيقية على مرمانا..
** هذا التشكيل الغريب.. وذاك التوزيع السيئ للأدوار من جانبنا يقابلهما.. تجانس كويتي هائل وحماس منقطع النظير وسرعة في الاداء وتبادل في المراكز وتغيير في المهام والادوار على مدى الساعة وتخلص فوري من الكرة واللعب بطريقة «دافع وانطلق».. الكل مدافع.. والكل مهاجم.. والسرعة فائقة.. امام فريق يلعب الكرة البطيئة ويعطي الفرصة للفريق الكويتي المدافع بأن يتحول بسرعة مذهلة الى فريق مهاجم هجوما ساحقا.. كل هذه العوامل مكنت الكويتيين بأن يلعبوا مباراة من اجل الكسب.. وأن يستفيدوا من كل ثانية في المباراة.. وإن ترك هذا اثره الكبير على لياقته في نصف الساعة الاخير للمباراة.. لكن حتى هذا التراجع في لياقتهم لم يستغل من جانبنا لأننا ظللنا نلعب الكرة «الارجنتينية» الميتة والبطيئة والتي اعطت الكويتيين فرصة كافية للمحافظة على الهدف واللجوء الى الدفاع والاعتماد على الهجمات المرتدة ولا سيما في الشوط الثاني..
** الشوط الثاني
** وبالرغم من وضوح الاخطاء امام المدرب بدءا بالتشكيل «البيزنطي» وانتهاء بتوزيع الادوار العشوائي وتجميع النجوم في الوسط والمقدمة وتكليفهم بمهام غير مهامهم الطبيعية.. بالرغم من كل ذلك فإن المدرب استمر في ارتكاب الاخطاء بإحداث تغييرات «عجيبة» وغير مفهومة.
** فقد قرر ان ينزل «ناصر الشمراني» للعب كمهاجم صريح، لكن ناصر كان بحاجة الى لاعب وسط يمتلك تجربة كافية ومعرفة بطريقة لعبه.. واستثمار حركته في كل اتجاه وكان هذا اللاعب هو «تيسير الجاسم» وليس غير تيسير الجاسم.. لكن تيسير ظل يلعب في الاطراف.. وظل منظم حركة الهجمة المنطلقة يحيى الشهري يقوم بأدوار جيدة.. لكنه كان يبحث كثيرا عن ناصر فلا يجده في المكان الطبيعي.. فيما كان ياسر القحطاني ينتظر في المنطقة النائية من يوصل اليه كرة واحدة سليمة فلا يجد..
فلا احمد عطيف كان في الفورمة المطلوبة.. ولا يحيى الشهري كان على المام بطريقة ياسر في اللعب.. ولا كريري الذي كان يتبرع بالقيام بدور المحور المتقدم في بعض الاحيان استطاع ان يغذي هجوم المقدمة والاطراف بكرات فعالة وإيجابية.. في الوقت الذي ظل تيسير الجاسم ضائعا بين الوسط والاطراف.
** هذه الفوضى العارمة ما كان احوجنا الى تفاديها.. ومعالجتها.. بإعادة توزيع الادوار بين لاعبي الوسط والمقدمة وتصحيح الاخطاء.. بدءا بإعادة تيسير الى الوسط.. وارسال يحيى الشهري الى اليسار والابقاء على فهد المولد كجناح ايمن.. وبدلا من هذا فإن المدرب اخرج المولد.. وادخل بدلا منه «سالم الدوسري» الذي كان كثير الاحتفاظ بالكرة.. وأنانيا في ممارسة اللعب الفردي وغير متعاون مع الوسط.
** وعندما اخرج أسامة المولد وأحمد عطيف وأدخل ناصر الشمراني ثم السهلاوي كنت أتوقع ان يكون هذا التغيير لصالح اعادة التوازن للخطوط الثلاثة «دفاعا ووسطا وهجوما» وبداية لإعادة توزيع الادوار بشكل صحيح.. لكنه فاجأنا جميعا بان هذا التغيير جاء على حساب خط الدفاع بإخراجه قلب الدفاع اسامة المولد.
** فعل المدرب ريكارد هذا بنية تعزيز الهجوم ولتحقيق التعادل ومن ثم الفوز.. وكان يمكن لهذا التغيير ان يحقق النتيجة التي ارادها المدرب في الظروف العادية.. وفي ظل انسجام لاعبي المقدمة.. وبعد اعادة النظر في ادوار كل من «ياسر القحطاني وسالم الدوسري الى جانب ناصر الشمراني» لكن شيئا من ذلك لم يحدث وإن ما حدث هو ان الكثافة العددية للاعبي الوسط والمقدمة قد ادت الى مزيد من الفوضى والى اللعب الفردي والى غياب الخطة نهائيا وانعدام التعاون بين الجميع.
** ولولا ان الارهاق قد اصاب الكويتيين وأضعف اداءهم اضافة الى لجوئهم الى خطة دفاعية بحتة للحفاظ على الهدف لحقق الكويتيون هدفين اضافيين من الهجمتين الخطرتين اللتين شنهما كل من «وليد علي» و«بدر المطوع» «لكن ربك ستر» كما يقولون.
***
** هذا التخبط الكبير.. وتلك العشوائية العجيبة.. افقدانا البطولة واخرجانا منها ليس فقط بهدف الكويت الوحيد يوم امس وانما بضياع «البوصلة» وعدم بناء المنتخب على اسس علمية صحيحة.. او حتى على الاقل على اسس واقعية تنطلق من معرفة قدرات اللاعبين ووضع الخطط الملائمة لاستثمارها.. وتحقيق التجانس بين المناطق الثلاث واعداد الجميع للقيام بادوار واضحة تعتمد التكامل بين اللاعبين وليس تجاهل هذه الحقائق بالضرب عرض الحائط بها.
** واذا كان المدرب قد استجاب للنقد الاعلامي الشديد لتخبطه.. وجمع هذا الحشد المتنافر من اللاعبين وقذف بهم يوم امس دون ان يتوفر الحد الادنى من التجانس بينهم نتيجة تغييراته المستمرة للتشكيلة فانه يؤكد غياب الرؤية والمعيار الفني الحاسم في اختيار التشكيلة من بين العناصر الذين وقع اختياره النهائي عليهم.. هي بكل بساطة على النحو التالي:
** لو حدث هذا.. وتدرب اللاعبون على هذه التشكيلة ووضحت الادوار امام الجميع وتخلصوا من الكرة الباردة والتحضير البارد والميت.. ونوعوا في الالعاب بين الكرة الطويلة والعرضية والبينية.. وحاولوا التهديف من مناطق مختلفة.. بدلا من الاعتماد طوال الوقت على محاولات الاختراق لخط دفاع متماسك.. لو حدث هذا لما خرجنا من البطولة بالرغم من جهد اللاعبين الكبير.. ولكنه جهد غير منظم.. ولا تحكمه خطة ولا يتوفر فيه الحد الادنى من التجانس.. والسبب في كل هذا هو ان المدرب لا يعرف لاعبيه ولا يعرف كيف يوظفهم التوظيف الصحيح.. في وقت لعب الآخرون بتشكيلة مستقرة وعناصر متجانسة وتوزيع محكم للأدوار والمهام وهو ما افتقدناه تماما في مشاركتنا في هذه البطولة.. وهي مشاركة لم نحضر لها التحضير الكافي.. بدليل عدم استقرار المدرب على تشكيلة رئيسية ثابتة وقصر التغيير على معالجة الاخطاء الآنية وفقا لمجريات كل مباراة.. اما ان نلعب كل مباراة بتشكيلة مختلفة فإن ذلك ما كان يمكن ان يحقق لنا الفوز ولا حتى على فريق بنجلاديش مع كل الاحترام للسيد ريكارد وإدارة المنتخب واتحاد الكرة السعوي الذي يتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية خروجنا من هذه البطولة.. وعليه ان يباشر مسؤوليته من اجل تصحيح الاخطاء وتجنب الخسائر المجانية والاساءة الى الصورة الذهنية عن الكرة السعودية رغم وجود القدرات المتميزة فيها.
* المستقبل
** لكن هذه التشكيلة المقترحة.. لا تعدو ان تكون مجرد تصور في حدود العناصر التي وقع عليها اختيار المدرب ريكارد لتمثيلنا في هذه الدورة.
** اما التشكيلة الطبيعية فإنها لا بد ان تخضع لمعايير ومقاييس جديدة تبدأ بالبحث عن مدرب جديد.. بفكر جديد.. وبإدارة منتخب جديدة.. وباختيارات يقوم بها فريق فني مشترك يبدأ بعملية تنقيب واسعة بحثا عن العناصر الكروية الجديدة والخلاقة والقادرة على استيعاب الفكر الاداري السائد في الكرة العالمية الآن.. بدلا من الاجتهادات التي افقدتنا الهوية وجعلتنا نلعب كرة عشوائية «مملة» رغم وجود اكاديميات عديدة في بلادنا لصناعة لاعبين على درجة عالية من المهارة.. واللياقة.. والحضور الذهني الكافي.
** فقد فاجأنا المدرب «ريكارد» منذ البداية بحشد اكبر عدد من لاعبي الوسط على حساب هجوم المقدمة وبعثرة لاعبي الهجوم وتكليفهم بمهام لا تتناسب مع طبيعة مهاراتهم وقدراتهم وخبراتهم الخاصة بالتميز في مناطق دون غيرها.
** لعب ريكارد -منذ البداية- بفهد المولد كرأس حربة «مهاجم صريح» وسط غابة من المدافعين الكويتيين المتمرسين.. وأرسل «ياسر القحطاني» للعب في منطقة الهجوم الايسر ورمى بـ«تيسير الجاسم» في منطقة الهجوم الايمن، ولعب بكتيبة غير متجانسة في منطقة الوسط؛ يحيى الشهري وأحمد عطيف وكريري ومنصور الحربي الذي كان يساند الهجمة اكثر من ادائه لدوره الاساسي كظهير ايسر ولست ادري ما هي دوافعه في هذا التشكيل الغريب!
** وكان بداية الخطأ الذي ارتكبه المدرب هو.. تفريغ هجوم المقدمة من عنصر الخبرة «ياسر القحطاني» او «ناصر الشمراني» او اللعب بكليهما في المقدمة.. وليس بشاب صغير.. في عمره وجسمه وخبرته هو «فهد المولد» الذي يسر وجوده في المقدمة مهمة دفاع الكويت كثيرا..
** ولو كان «ياسر القحطاني» في هذا المكان منذ البداية وكان خلفه كل من «تيسير الجاسم ويحيى الشهري» لما سيطر دفاع الكويت على منطقة خط الظهر طوال فترات المباراة الاربع وتسعين دقيقة.
** وحتى عندما عاد ياسر الى المقدمة.. في وقت متأخر جدا.. فإن اللاعب الممول له كان بعيدا عنه حيث ظل «تيسير» يتحرك في منطقة الاطراف.. مرة في اليمين ومرة اخرى في اليسار.. في الوقت الذي بدا «فهد المولد» غير مهيأ للعب هذه المباراة بالمستوى المطلوب بعد ان فقد لياقته.. وعجز عن اختراق الظهير الايسر الكويتي المتمرس امام لاعب ناشئ يجد صعوبة في الالتفاف والاستدارة وسرعة التصرف.
** وحتى هذا التكثيف لمنطقة الوسط على حساب هجوم المقدمة لم يحقق اهدافه.. لأن الفريق بكامله -ولاعبي الوسط على وجه التحديد- لعبوا بدون «خارطة طريق» بدليل ركونهم الى الكرات العرضية والتحضير البطيء واللعب في منطقة لا يتجاوز قطرها الامتار الثلاثة ولم يمرروا كرة بينية واحدة سليمة لمهاجم المقدمة او لمهاجمي الاطراف وظلوا يلعبون كرة استعراضية بحتة وغير مجدية حتى بعد ان حقق «يوسف ناصر» هدف الكويت الوحيد نتيجة كرة طويلة فاجأ بها خط الدفاع المتقدم وتفوق على «اسامة المولد» ومررها من تحت يد حارس المرمى وليد عبدالله.
** والأسوأ من كل هذا ان الكرة السعودية ظلت «منحصرة في منطقة طولية واحدة» فلا الاطراف كانت فعالة.. ولا الوسط كان ذكيا بدرجة كافية.. ولا المدرب وجه او قدم حلولا حاسمة لاختراق دفاع الكويت الذي استفاد من الكرات السعودية العالية التي كانت تسقط فوق رؤوسهم وتحرم هجومنا من تحويلها الى فرص محققة.
** فقد غابت الكرات البينية القاتلة تماما وحلت محلها كرات «طائشة» وعالية.. صعب معها على هجومنا ان يخترق الدفاع الكويتي المتصف افراده بالطول.. وصفوفه بالانضباط وبسرعة التخلص من الكرة.. وباستغلال حالة التفكك الهجومية امامه.
** وعندما يفقد الفريق الخطة.. وتغيب عنه القيادة والتوجيه.. فإن من الصعب على هذا الفريق ان يفوز مهما كان الجهد المبذول من قبل لاعبيه.. وذلك ما حدث من المنتخب السعودي بأكمله بما فيه خط الدفاع الذي شهد حالة توهان وارتباك وتفكك سببها الرئيسي هو لعب اسامة المولد وأسامة هوساوي على خط واحد وبطريقة واحدة وبتجانس اقل ما يمكن ان يوصف به أنه ضعيف بدليل كثرة اخطاء كل منهما عندما كانا يلعبان معا وقبل خروج «اسامة المولد» وكذلك خلال المباريات السابقة.
** ولذلك فإننا لا ننصح ابدا بأن يلعب الاثنان معا وعلى المنتخب ان يبحث عن متوسط دفاع آخر الى جانب اسامة المولد لإغلاق اخطر منطقة في الدفاع.. أي دفاع.
** الوحيد الذي ادى دوره في خط الدفاع في هذه المباراة بأقل قدر من الاخطاء هو «منصور الحربي» في المنطقة اليسرى ولا سيما في الجانب الهجومي.. وإن كان التجانس بينه وبين لاعب الوسط ومهاجم المقدمة الايسر اقل مما يجب لاسباب تتحملها الخطة وخطأ المدرب في توزيع الادوار بين المهاجمين.
** وحتى سلطان البيشي «الظهير الايمن» لم يقصر في هذه المباراة وكان اقل اخطاء من المباراتين السابقتين وربما ساعد على ذلك عدم بروز الجناح الايسر الكويتي الشهير «وليد علي» في هذه المباراة في الوقت الذي كنا نتوقع خطورة اكبر منه على مرمانا.. لكنه بدا في هذه المباراة ولحسن الحظ «مرهقا» و«تائها». ولا ادري ماذا كان يمكن ان يكون وضعنا لو انه كان في مستواه المعهود.. وشكل بهجماته الجانبية ورفعاته القاتلة خطورة حقيقية على مرمانا..
** هذا التشكيل الغريب.. وذاك التوزيع السيئ للأدوار من جانبنا يقابلهما.. تجانس كويتي هائل وحماس منقطع النظير وسرعة في الاداء وتبادل في المراكز وتغيير في المهام والادوار على مدى الساعة وتخلص فوري من الكرة واللعب بطريقة «دافع وانطلق».. الكل مدافع.. والكل مهاجم.. والسرعة فائقة.. امام فريق يلعب الكرة البطيئة ويعطي الفرصة للفريق الكويتي المدافع بأن يتحول بسرعة مذهلة الى فريق مهاجم هجوما ساحقا.. كل هذه العوامل مكنت الكويتيين بأن يلعبوا مباراة من اجل الكسب.. وأن يستفيدوا من كل ثانية في المباراة.. وإن ترك هذا اثره الكبير على لياقته في نصف الساعة الاخير للمباراة.. لكن حتى هذا التراجع في لياقتهم لم يستغل من جانبنا لأننا ظللنا نلعب الكرة «الارجنتينية» الميتة والبطيئة والتي اعطت الكويتيين فرصة كافية للمحافظة على الهدف واللجوء الى الدفاع والاعتماد على الهجمات المرتدة ولا سيما في الشوط الثاني..
** الشوط الثاني
** وبالرغم من وضوح الاخطاء امام المدرب بدءا بالتشكيل «البيزنطي» وانتهاء بتوزيع الادوار العشوائي وتجميع النجوم في الوسط والمقدمة وتكليفهم بمهام غير مهامهم الطبيعية.. بالرغم من كل ذلك فإن المدرب استمر في ارتكاب الاخطاء بإحداث تغييرات «عجيبة» وغير مفهومة.
** فقد قرر ان ينزل «ناصر الشمراني» للعب كمهاجم صريح، لكن ناصر كان بحاجة الى لاعب وسط يمتلك تجربة كافية ومعرفة بطريقة لعبه.. واستثمار حركته في كل اتجاه وكان هذا اللاعب هو «تيسير الجاسم» وليس غير تيسير الجاسم.. لكن تيسير ظل يلعب في الاطراف.. وظل منظم حركة الهجمة المنطلقة يحيى الشهري يقوم بأدوار جيدة.. لكنه كان يبحث كثيرا عن ناصر فلا يجده في المكان الطبيعي.. فيما كان ياسر القحطاني ينتظر في المنطقة النائية من يوصل اليه كرة واحدة سليمة فلا يجد..
فلا احمد عطيف كان في الفورمة المطلوبة.. ولا يحيى الشهري كان على المام بطريقة ياسر في اللعب.. ولا كريري الذي كان يتبرع بالقيام بدور المحور المتقدم في بعض الاحيان استطاع ان يغذي هجوم المقدمة والاطراف بكرات فعالة وإيجابية.. في الوقت الذي ظل تيسير الجاسم ضائعا بين الوسط والاطراف.
** هذه الفوضى العارمة ما كان احوجنا الى تفاديها.. ومعالجتها.. بإعادة توزيع الادوار بين لاعبي الوسط والمقدمة وتصحيح الاخطاء.. بدءا بإعادة تيسير الى الوسط.. وارسال يحيى الشهري الى اليسار والابقاء على فهد المولد كجناح ايمن.. وبدلا من هذا فإن المدرب اخرج المولد.. وادخل بدلا منه «سالم الدوسري» الذي كان كثير الاحتفاظ بالكرة.. وأنانيا في ممارسة اللعب الفردي وغير متعاون مع الوسط.
** وعندما اخرج أسامة المولد وأحمد عطيف وأدخل ناصر الشمراني ثم السهلاوي كنت أتوقع ان يكون هذا التغيير لصالح اعادة التوازن للخطوط الثلاثة «دفاعا ووسطا وهجوما» وبداية لإعادة توزيع الادوار بشكل صحيح.. لكنه فاجأنا جميعا بان هذا التغيير جاء على حساب خط الدفاع بإخراجه قلب الدفاع اسامة المولد.
** فعل المدرب ريكارد هذا بنية تعزيز الهجوم ولتحقيق التعادل ومن ثم الفوز.. وكان يمكن لهذا التغيير ان يحقق النتيجة التي ارادها المدرب في الظروف العادية.. وفي ظل انسجام لاعبي المقدمة.. وبعد اعادة النظر في ادوار كل من «ياسر القحطاني وسالم الدوسري الى جانب ناصر الشمراني» لكن شيئا من ذلك لم يحدث وإن ما حدث هو ان الكثافة العددية للاعبي الوسط والمقدمة قد ادت الى مزيد من الفوضى والى اللعب الفردي والى غياب الخطة نهائيا وانعدام التعاون بين الجميع.
** ولولا ان الارهاق قد اصاب الكويتيين وأضعف اداءهم اضافة الى لجوئهم الى خطة دفاعية بحتة للحفاظ على الهدف لحقق الكويتيون هدفين اضافيين من الهجمتين الخطرتين اللتين شنهما كل من «وليد علي» و«بدر المطوع» «لكن ربك ستر» كما يقولون.
***
** هذا التخبط الكبير.. وتلك العشوائية العجيبة.. افقدانا البطولة واخرجانا منها ليس فقط بهدف الكويت الوحيد يوم امس وانما بضياع «البوصلة» وعدم بناء المنتخب على اسس علمية صحيحة.. او حتى على الاقل على اسس واقعية تنطلق من معرفة قدرات اللاعبين ووضع الخطط الملائمة لاستثمارها.. وتحقيق التجانس بين المناطق الثلاث واعداد الجميع للقيام بادوار واضحة تعتمد التكامل بين اللاعبين وليس تجاهل هذه الحقائق بالضرب عرض الحائط بها.
** واذا كان المدرب قد استجاب للنقد الاعلامي الشديد لتخبطه.. وجمع هذا الحشد المتنافر من اللاعبين وقذف بهم يوم امس دون ان يتوفر الحد الادنى من التجانس بينهم نتيجة تغييراته المستمرة للتشكيلة فانه يؤكد غياب الرؤية والمعيار الفني الحاسم في اختيار التشكيلة من بين العناصر الذين وقع اختياره النهائي عليهم.. هي بكل بساطة على النحو التالي:
** لو حدث هذا.. وتدرب اللاعبون على هذه التشكيلة ووضحت الادوار امام الجميع وتخلصوا من الكرة الباردة والتحضير البارد والميت.. ونوعوا في الالعاب بين الكرة الطويلة والعرضية والبينية.. وحاولوا التهديف من مناطق مختلفة.. بدلا من الاعتماد طوال الوقت على محاولات الاختراق لخط دفاع متماسك.. لو حدث هذا لما خرجنا من البطولة بالرغم من جهد اللاعبين الكبير.. ولكنه جهد غير منظم.. ولا تحكمه خطة ولا يتوفر فيه الحد الادنى من التجانس.. والسبب في كل هذا هو ان المدرب لا يعرف لاعبيه ولا يعرف كيف يوظفهم التوظيف الصحيح.. في وقت لعب الآخرون بتشكيلة مستقرة وعناصر متجانسة وتوزيع محكم للأدوار والمهام وهو ما افتقدناه تماما في مشاركتنا في هذه البطولة.. وهي مشاركة لم نحضر لها التحضير الكافي.. بدليل عدم استقرار المدرب على تشكيلة رئيسية ثابتة وقصر التغيير على معالجة الاخطاء الآنية وفقا لمجريات كل مباراة.. اما ان نلعب كل مباراة بتشكيلة مختلفة فإن ذلك ما كان يمكن ان يحقق لنا الفوز ولا حتى على فريق بنجلاديش مع كل الاحترام للسيد ريكارد وإدارة المنتخب واتحاد الكرة السعوي الذي يتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية خروجنا من هذه البطولة.. وعليه ان يباشر مسؤوليته من اجل تصحيح الاخطاء وتجنب الخسائر المجانية والاساءة الى الصورة الذهنية عن الكرة السعودية رغم وجود القدرات المتميزة فيها.
* المستقبل
** لكن هذه التشكيلة المقترحة.. لا تعدو ان تكون مجرد تصور في حدود العناصر التي وقع عليها اختيار المدرب ريكارد لتمثيلنا في هذه الدورة.
** اما التشكيلة الطبيعية فإنها لا بد ان تخضع لمعايير ومقاييس جديدة تبدأ بالبحث عن مدرب جديد.. بفكر جديد.. وبإدارة منتخب جديدة.. وباختيارات يقوم بها فريق فني مشترك يبدأ بعملية تنقيب واسعة بحثا عن العناصر الكروية الجديدة والخلاقة والقادرة على استيعاب الفكر الاداري السائد في الكرة العالمية الآن.. بدلا من الاجتهادات التي افقدتنا الهوية وجعلتنا نلعب كرة عشوائية «مملة» رغم وجود اكاديميات عديدة في بلادنا لصناعة لاعبين على درجة عالية من المهارة.. واللياقة.. والحضور الذهني الكافي.