يافرحه ماتمت

يــافرحـة ماتـمت

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام علي أشرف الخلق سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم .

مع بزوغ صباح جديد في مسقط رأسي الحفير العزيزه تقهويت عند أحد الخوال الغالين وهو من المخضرمين الذين عاشوا في هذه الحياة تجارب قاسية بلورة شخصياتهم ومكانتهم وصقلتها بين الرجال . لن أطيل عليكم تجاذبنا أطراف الحديث عن الكويت تارةً والسعودية تارةً أخري وعن سياسة البلدان الخليجية والأخطار المحدقة عليها من المد الشيعي الإيراني والأحداث المؤلمة بالعراق وقرب أهل الكويت من تلك الأحداث بحكم الموقع الجغرافي , الخلاصة كان الحديث ذو شجون وأكثر من ممتع .

فقد استرسلنا في الحديث حتي دخل محور حديثنا مرحلة التطور وكيف كانت قساوة الماضي وجلد الرجال وصبرهم وكيف أصبح وضع وحال بعض رجال هذا الزمان من كسل وخمول وتخاذل وسهر والصعوبة عندهم في تحمل المسؤلية والتي قد تصل عند البعض درجة الخوف من المسؤلية وعدم مواجهة الآخرين في أخطائهم , وأن هذا من أسباب عدم تطور بلدة الحفير.

فصمت !!!!؟ .
وأخذت كاسة الشاي وشربت الشاي دفعة واحدة ... وصفنت لحظات قليلة .... فسألته كيف ياخال ؟
فرد بعصبية لم أعتادها منه , حسد البعض لأهلها وكره البعض لأهلها بل أن البعض يكره الخير لأهل الحفير ويريدها أن تبقي كما هي في محلك سر بل أنه لو كان بإمكانه منع هواء وشمس ربي لمنعها عن أهلها .

فرديت عليه ردا تعمدت أن أستفزه به فقلت له :
أنا لاأري ماتري .... في كل سنة نأتي الي الحفير في الصيف ومن دخولنا الي خروجنا منها من غدا الي عشا ومن قهوه الي قهوة ومن مجلس فيه الطيب والكرم الي مجلس الحبابة والمعزة الي مجلس فيه القصيد والتعاليل الي مجلس فية الذكر والموعظة الحسنة والأنعام والخيرات من تدخل الحفير من الطلعة الي جبل الخشب كرم وطيب وعز ومعزه .

هنا إنتفض الخال من مكانة وذهب وأحضر منظارة الخاص به ورماه لي وقال هذا المنظار هدية مني اليك
أريدك الآن أن تصعد الي جبل الخشب وتري بأم عينيك تطور من حولنا القري أصبحت بلدات والبلدات أصبحت مدن والمدن أصبحت محافظات شمالا أهل جبة وجنوبا أهل موقق وأهل الخطة ومدينة تربة ومحافظة الشنان وسألني ماذا ينقصنا عنهم ؟ إذا ماحنا أطيب منهم مثلهم هم رجال مثلنا لهم حقوق وعليهم واجبات وقلوبهم صافية فيما بينهم ولا يفكرون بالماضي بل بالمستقبل بما يخدمهم ويخدم أبنائهم ويخدم بلدتهم بالمقام الأول .

حاولت أن أمتنع عن قبول الهدية منه لأني أعرف قيمة المنظار ( الدربيل ) القديم الأصلي والذي مازال محافظاً علي رونقه وجماله ودقته وندرته وله غلاه عند كبار السن سواءاً من حيث المعنوية أوالقيمة وأنه من الصعب الحصول علي مثله في الوقت الحاضر وتعذرت أنه ليس لدي سيارة للصعود الي جبل الخشب وسوف آتي في المرة المقبلة , كل ذلك فقط لأجد العذر لكي أرجع له المنظار ولكن الخال أصر علي أن أقبل بالهدية ورمي اليَ بمفتاح جيب ربع وقال ليس لك عذر أطلع الآن الي جبل الخشب فحاولت أن أتعذر بأني لا أجيد القيادة علي المرتفعات فأمر أحد أبناءه بأن يتولي القيادة الي جبل الخشب فقال إذهب الآن وانظر الي من أهتموا في تطور بلدتهم وسبقونا بسنوات كما تسبق الدول المتقدمة الدول النامية .

فابتمست ولم يكن لي العذر في عدم الطلوع الي ذلك الجبل الذي لم أفكر حتي مجرد التفكير طوال تلك السنوات الذهاب بإتجاه الغرب وبصراحة وبشكل عام الإتجاه الي الغرب قد يغير من تفكيرك وأسلوبك وطريقة تعاملك مع البشر وهذا ما أحاول تجنبة .

لقد كان الطريق الي جبل الخشب سالكا كغيره من الطرق في البلدة إسفلت ثم ينقطع الإسفلت فتبدأ طرق ترابية ممهده في غالبها ووعرة في أجزاء متفرقة تزداد وعورتها قليلا بالإقتراب من جبل الخشب وأثناء الصعود حتي تصل الي برج الإرسال وعندها يبقي علي القمة الشئ القليل , لست هنا بصدد أن أكون مساح طرق في وصفي للذهاب الي وصعود جبل الخشب بل سأصف لكم ماشعرت به وما رأيت وماصدمني وما فهمت من إصرار الخال علي الصعود الي جبل الخشب وماذا كان يرمز له عندما أصر على إعطائي منظاره الخاص .

لفت إنتباهي بينما أنا وابن الخال في طريقنا الي جبل الخشب بالطبع هو من يتولي قيادة السيارة وأنا أكثر علية بالأسئلة من له هذه المزرعة ومنزل من ذاك وهذا الشارع ماذا يوجد في نهايتة .....الخ وإذ بنا نمر بجانب مبني كبير بالمساحة لم يكتمل بناءه به نوافذ كثيرة على غير المعتاد ومحاط بعدد من أشجار النخيل العالية نوعا ما , غرست على خط واحد وبترتيب متعمد حول ذلك المبني وفي الحقيقة منظر ذلك النخل بتلك الوضعية الذي غرس فيه حول ذلك المبني جميل جدا ويسر الناظرين , ولكن هنالك شئ غريب في ذلك المبني لم يسر ناظري حقيقةً ؟ فبادرت الي سؤال ابن الخال ماهذا المبني ؟ فسكت قليلا ثم قال صالة أفراح الحفير . لقد قالها وهو متذمر وهو زعلان وهو متضايق وهو متعومس , طبعا من ينظر الي المبني وهو ليس له خبرة في البناء يعرف بمجرد النظر اليه أن البناء توقف فيه منذ زمن ليس بقليل فالمبني الذي رأيت وأنا فى السيارة التي كانت تسير بسرعة 25 الي 30 كيلو متر في الساعة جدران من البلك الأسود به نوافذ ليس به سقف محاط بأشجار النخيل الجميل المنظر .
فسألت إبن الخال , لماذا توقف البناء فيه ؟ ولماذا لم يتم إنجازه بأسرع وقت ؟ وهل هذا الموقع لصالة الأفراح سوف يتم تغيره ؟ ومن بناه ؟ ومن المشرف على بناءه؟ وهل القائمين على جمعية الحفير التعاونية هم أصحاب فكرة صالة الأفراح ؟ فانهلت عليه بالأسئلة التي لها أول مالها آخر .

لقد فرحت فرحا شديدا ودخلت البهجة قلبي عندما قيل لي صالة أفراح الحفير ففي هذا الصالة يجتمع الأخ والعم والخال وابن العم وابن الخال والصديق من أبناء البلدة وما حولها من القري فهي مكان الإبتسامة والفرح وإلتقاء الأحبة والمشاركة في أفراح بعضهم البعض وتآلف القلوب فيما بينها وهي مكان لتذويب شوائب القلوب وصفائها وهي مكان للدعوة الصالحة بالتمني للعروسين بالذرية الصالحة وجمع شمل الأحبة على العز والمعزة .

بل إنها نقطة لقاء ومن ثم الإنطلاق لبداية صفحة جديدة من الوحدة والتلاحم والإخاء لبناء المستقبل يدا بيد بين أبناء الحفير وتطوير بلدتهم لترقي الي من هم سبقوها في إقامة المرافق العامة ومن ثم خدمة بعضهم البعض لما هو في مصلحة الجميع .

كذلك هي صلة رحم بالدرجة الأولي فالتواصل في هذا الزمان بين ذوي القربي أصبح من النوادر لأسباب كثيرة.

أيضا صالة أفراح الحفير أو كما يسميها البعض ( بقصر الأفراح ) تخدم بلدة الحفير ومن حولها من القري وغيرها , فبدل الذهاب الي مدينة حائل رعاها الله وتكبد مشقة ومخاطر الطريق علي عوائل ذوي العروسين وعوائل الأحبة والأصدقاء تكون صالة الأفراح في وسط البلدة توفر عليهم الجهد والوقت ويكون اتجاه الناس الي الحفير وليس الي خارجها .

ولكن (( يافرحة ماتمت )) سرعان ماإنطفأت البهجة في قلبي وذهب الفرح والسرور أدراج الرياح وتكسر بل وتمزقت الصورة التي تخيلتها وأنا أتحدث الي إبن الخال عندما قال لي !!!.

علي رسلك ياهذا مالك مندفع بالحديث وكأننا الليلة معزومين علي عرس في صالة أفراح الحفير ؟
لقد توقف البناء فيها منذ زمن بسبب أحد المعارضين لبناء صالة أفراح في الحفير , وبسبب عدم وجود وثيقة للأرض وبالتالي عدم وجود ترخيص للبناء , هدد بإبلاغ لجنة الإزالة إذ ماإستمر البناء فيها ؟ مع العلم أن أغلب مباني الحفير بدون وثائق وتراخيص .



فما كان من صاحب فكرة بناء صالة الأفراح التي تخدم أهل وشباب الحفير إلا أن يوقف البناء لدرء الفتنة .



فأكمل حديثة قائلا :
وللعلم لاتكن متفائلا ... لا جمعية الحفير التعاونية ولا البلدية ولا مركز الحفير لهم دور في بناء صالة أفراح الحفير بل إن مواقفهم سلبية ولا ينشد بهم الظهر في هذا الموضوع مع العلم أن هذا المشروع هو خدمة للمجتمع بكل أطيافهم ويمكن أن يستغل في إقامة الندوات والمحاضرات ويكون واجهة للبلدة أمام الزوار ويكون متعدد الأغراض ولكن لاحياة لمن تنادي , وللعلم أيضاً فكرة المشروع وأرض المشروع وتكلفة بناء ( مشروع صالة أفراح الحفير ) متكفل بها أحد رجالات الحفير المشهود لهم بنفعة لأهل الحفير وغير أهل الحفير البعيد والقريب وهو من الرجال المعدودين بالأصابع الذين تهمه المصلحة العامة لبلدة الحفير وهو واسع الأفق في الفكر والثقافة وذو نظرة ثاقبة للمستقبل وهو من القلة الذين يحاولون إدخال الحداثة من مرافق وخدمات الي بلدة الحفير بل إنه دائم الإصطدام بأولئك الذين يحاولون تكسير المجاديف وتثبيط العزائم والوقوف حائلاً بين إدخال أي شئ يخدم أبناء البلدة ويقلل من معاناتهم في توفير المرافق الخدماتية .





فقلت ... ياإبن الخال للمعارضة أصول وليس من شبع نوم وفرك عيونة وتمغط وطقطق أصابعة يتطري علية أن يعارض علي متطلبات واحتياجات ومصالح الناس فما بالك إذا كانوا من أبناء عمومته وأهله , أن تعارض علي شئ خاطئ وليس في مكانة وسيئاته أكبر من حسناته للتطالب بالصح هذا هو المطلوب , وتعارض علي عمل صحيح لتطمع وتطمح للأصح لامانع من ذلك , بشرط أن يكون الأصح للكل وليس لمصلحة ومنافع شخصية مع إخلاص النية , وبعدين أين الغالبية من المواطنين الذين سوف ينتفعون من ذلك المرفق العام لايقـفون أمام من يعارض علي مصالحهم ويعرفون ماهي الأسباب الحقيقية وراء إعتراضة ؟ وماهو البديل ؟ وإذا كانت الأسباب مقنعة أخذ بها وجزاه الله ألف خير وأوجد البديل , أما صمت الأغلبية التي علي حق أمام القلة التي علي الباطل شئ مخزي فالسكوت عن الخطأ هي بمثابة مشاركة بالخطأ ومن الواجب على الجميع إتخاذ الإجراء المناسب لتحقيق المصلحة العامة .




وفي أثناء حديثنا هذا وصلنا الي أعلي مكان يمكن أن تصل اليه المركبات ذات الدفع الرباعي فوق جبل الخشب طبعا في البلدان أو المناطق الأخري إذا وجد مكان عالي مثل جبل الخشب تجد فية علي الأقل مطعم أو كفتيريا ومصوراتية أو علي الأقل تجد فيه إستراحة يمكنك الجلوس والتمتع بالمنظر من الأعلي دعني أكون متواضعا لأبعد الحدود فأنا لم أجد حتي كرسيا أجلس علية مكتوب عليه إهداء من بلدية الحفير ياأخي أي شئ له دلالة علي وصول بلدية الحفير الي ذلك الموقع حتي لو صخور ملونة علي شكل مقاعد ؟ زبدة الكلام إستدنيت منظار ( الدربيل ) الخال فنظرت بإتجاه الشرق فإذ بي أري مسقط رأسي من منظار ورؤية الخال فهناك في الأسفل مخطط تم إلغائه بسبب القلوب السوداء وقصر النظر عندهم للمستقبل والوقوف أمام مصالحهم هم قبل إخوانهم وتأثير ذلك علي امتداد وتطور البلدة وهنالك علي يساري صالة أفراح الحفير التي تنتظر من يغطي رأسها بغطاء المحبة والألفة ويكسي جدرانها أنسة ومودة , فأبعدت المنظار عن عيني فقال لي ابن الخال أنظر في المنظار تو التاس تونا واصلين مايمديك ... فقلت لقد إكتفيت من المنظار , السالفة ماهي محتاجة منظار للعيون المسألة محتاجة منظار للعــقول وليس العيـون الآن فهمت كلام الخال وماذا كان يقصد ؟ فقال لي كيف ؟ فقلت لة كل بلدة لها مقومات وأسس للحياة لتحافظ على كيانها وبقائها وترقي وتتطور بشكل طبيعي مع الزيادة الطبيعية للسكان , طبعا تختلف المدد الزمنية التطويرية من بلدة لأخري , والناس هنا في بلدة الحفير تقاوم للبقاء والمحافظة علي إرث آبائهم وأجدادهم , قل لي بالله عليك أين الخدمات المصرفية بالحفير (صفر على الشمال ) ولا بالحسبة ؟ أين الحدائق العامة التي هي متنفس للمواطنين ؟ أين جمعيات النفع العام ودورها في توعية المجتمع ؟ أين مركز شباب الحفير للقيام بدوره البناء في توعية أبناء البلدة ؟ أين كورنيش الحفير أسوةً بالبلدات المجاورة ؟ أين مبني الدفاع المدني في البلدة ؟ نعم لماذا لايوجد دفاع مدني ؟ ينقذ مايمكن إنقاذه !!!! في حالة نشوب حريق بأحد المنازل أو أحد السيارات بالطرقات ولا عايشين على البركة ... حتي قيام صالة للأفراح والليالي الملاح قتلت في مهدها ... يابن الخال , في بلدتك مسقط رأسك يعيش أهلها في رغد ورخاء وأمن وأمان في ظل حكومة خادم الحرمين الشرفيين ولايوجد بها المتطلبات الحياتية من مرافق حيوية مما ذكرت بالعربي مايحصلُ شئ خارج عن المنطق ؟ .

يعني ماهومعقول أن ينشب حريق في أحد منازل الحفير ويفزع الأهالي الي صاحب صهريج مياه للإستعمال الخاص ( الله يجزاه خير ) ليطفأ الحريق ويقوم بدور رجال الدفاع المدني ويعرض نفسه للخطر والحمدالله أنه أنقذ الأسرة القاطنة بذلك المنزل من لهيب النار , فقد يكون غير مؤهل ومدرب لمثل هذا العمل والآخر تحترق سيارته وهو بداخلها بين الطلعة و مايطلق عليها الغرفة البيضاء لو لم يكسر زجاج السيارة بقدمه لما خرج ونحمد الله أنه لم يفقد الوعي عند حصول الحادث وأنقذ نفسة بنفسه وسيارته المتفحمة مازالت موجودة هناك كشاهد عيان علي التقصير .

انظر الي الحفير من هنا ( فوق جبل الخشب ) بالكاد تري مبني يتكون من طابقين , واضح أن المباني الموجودة في الحفير لاتشكل 1 % أو 2% من مجمل مساحة الحفير الإجمالية ولا تقل لي أنها منطقة زراعية فالأراضي الجرداء أكبر بكثير من الأراضي الزراعية التي لاتشكل الأرض المزروعة سوي 5% الي 8% من المساحة الإجمالية للحفير ( طبعا الأرقام تقديرية النظر من علي جبل الخشب ) .

يابن الخال المشكلة ليست بالحفير كموطن المشكلة تكمن بالبعض أي بالفئة القليلة جدا الذين تحوي أدمغتهم علي أفكار منحرفة والذين يتبعون سياسة ( خالف تعرف ) أو سياسة ( تراني أنا موجود لايغيب عن ذهنك ) والتي يغلفها سمة الحقد والحسد علي الحفير وأهلها ولكن لاأقول إلا عسي الله يهديهم .




إن الصعود الي جبل الخشب مع منظار ( دربيل ) مع الإتجاه لجهة الشرق يجسد رؤيا واضحة جدا ألا وهي :
واضح أن هناك من يجيد لعبة المعارضة ( اللي علي غير سنع ) وواضح أيضا أنه لايجد من يعترض طريقة.

قال تعالي ( إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم ) .